«الدين للجميع ».. مقولة تتردد على ألسنة الكثيرين الذين يحاولون بها عدم التقيد بالحدود التى يفرضهاالدين.. لذلك فإن من أكبر عوامل الضلال والانحراف إلى التطرف والإرهاب هى عدم تحديد المفاهيم.. فقد يسلك الانسان سلوكاً يظن أنه يوصله إلى المقصود فيفاجأ بعد طول عناء أن الطريق أمامه مسدود، وقد تدفعه ثقافته الدينية المحدودة إلى انتحال صفة الافتاء وعدم التحرج من الاجابة على كل سؤال.
فلنعلم أن مقولة «الدين للجميع » لها عدة احتمالات فإذا كان المراد بلفظ الدين هو التدين أو ممارسة الدين والتعبد لله فكلنا مكلفون بذلك من عهد آدم إلى خاتم الأنبياء إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وليس الدين بمعنى التدين حقاً للجميع فقط بل هو واجب ومفروض لأنه هداية لكل البشر لا لقوم مخصوصين، أما اذا كان المراد بقوله «الدين للجميع » هو علم الدين، فهذا العلم له وجهان أحدهما التعلم والثانى التعليم أما التعلم فهو حق للجميع بل هو واجب فى الأساس مندوب فى الكماليات ليعرف كل منا حق الله وحق المجتمع عليه.. أما التعليم فليس على إطلاقه حقاً للجميع.. بل هو خاص بمن فقهوا الدين وصاروا به أهل الذكر ولهؤلاء أن يعلموا غيرهم القدر الذى تعلموه.
لذا أهمس فى أذن من يسيئون فهم التعبيرات واستغلال الدين فى تحقيق أغراض مشروعة أقول لهم: أن المتخصصين فى فرع علمى معين لا يقبلون مزاحمة غيرهم لهم فيه، لا فى الممارسة ولا فى مجرد اللقب، فكيف يستسيغون مزاحمتهم للمتخصصين فى المعرفة الدينية؟! هل التعليم الدينى بهذا الهوان حتى يسومه كل مفلس؟! ولماذا يتركون تخصصاتهم ويقحمون أنفسهم فيما لا يجيدون؟!.
ان عالم الدين يحتاج إلى الطبيب ليعالجه وإلى المهندس ليقيم له مشروعه.. وفى المقابل يحتاج كل منهما إلى من يصحح له عقيدته ويرشده إلى حكم الله فى العبادة والسلوك.. فليعرف كل انسان منا واجبه وليقف عند حده.. فبالنظام والسلوك يكون الاصلاح.
وختاماً:
قال تعالى «فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون » صدق الله العظيم.
سورة التوبة آية 122