مصطفى ياسين
أشاد عدد من القيادات الدينية والعلمية والفكرية في العالم من مختلف الأديان والثقافات بالدور الذي يقوم به مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (كايسيد) في تعزيز جسور التواصل بين الأديان والحضارات العالمية، وفي جهوده البناءة لترسيخ التعايش السلمي والتفاهم، ومناهضة ثقافة العنف والتأكيد على قيم الأمن والسلام في العالم.
ففي الوقت الذي يتعرَّض فيه المركز لحملة تشويه منظمة تقودها أحزاب نمساوية تتزامن مع استغلال المتطرفين الفراغ الحكومي ووجود حكومة تسيير أعمال مؤقتة لتشويه صورته، بهدف كسب أصوات انتخابية للسباق الانتخابي المقبل في النمسا، وإيجاد قضايا تكسِبهم أصوات الناخبين من المتطرفين فكريا، فإن هذه القيادات تؤكد على أن مركز (كايسيد) قدم عددا من المبادرات السلمية استهدف بها بعض مناطق النزاع في العالم، كما عمل على تعزيز الحوار بين الأديان مؤكدا على حق الاختلاف واحترام الآخر.
فيما رأى آخرون أنه يسعى إلى كسر الصور النمطية عن الثقافات طارحا في برامجه ومؤتمراته قيم التنوع والتعدد والتفاعل الثقافي في عالم الاتصال الذي جعل من الأرض قرية كونية صغيرة تتناقل أحداثها ووقائعها لتصل للجميع في مجتمع إنساني معاصر يعمل على التقارب والتواصل.
قيم التعاون
وركز عدد من القيادات الدينية والنخب الفكرية والثقافية على أبرز أهداف المركز والتي تتمثل في إرساء قيم التعاون والتعايش بين الأديان والشعوب واحترام تنوع الثقافات وقبول الآخر، حيث قال د. شوقي علام- مفتي الديار المصرية-: شاركت منذ البداية في جميع المبادرات الرئيسية لـلمركز، وسأظل ملتزمًا بأهدافه ومساعيه، وأتمنى بشدة وأدعو الله أن يواصل المركز عمله المبارك لتعزيز إرادة الله المفعمة بالحب والاحترام والتعاون بيننا جميعاً.
ودعا سماحة الشيخ عبداللطيف دريان- مفتي الجمهورية اللبنانية- الحكومة النمساوية أن تعمل على استدامة وجود مركز الحوار العالمي داخلها، احتراماً للقيم الإنسانية التي تقول بها النمسا وللدور البناء الذي يقوم به المركز في إطار هذه القيم التي نلتقي حولها جميعا.
وأوضح محمد الأمين- مدير مؤسسة العلامة الأمين للتعارف والحوار من لبنان- أن (كايسيد) وبعيداً عن الاحتكار أمسكت بزمام المبادرة بدعم ومباركة دعاة السلام والرأي المعتدل وحملت معها العلاج حواراً عمليّاً وجادّاً بين أتباع الأديان والثقافات، وتعمل بدون كلل على إظهار الاعتدال وإطفاء نار الغلو والتطرف.
زمام المبادرة
يرى الناشط الحقوقي والمحلل السياسي النمساوي “تورفا بوقاتي” أن المركز يقوم بعمل جيد ويتطور بصورة إيجابية من منظم للمؤتمرات الكبيرة إلى مبادر في مشاريع عملية ومستدامة، فضلًا عن رعاية عدد من مبادرات السلام في مناطق الاضطرابات في جميع أنحاء العالم.
تأهيل القادة
أما القس كانون باتريك كوران- من كنيسة المسيح في العاصمة النمساوية فيينا- فيقول: إن القادة الدينيين المتدربين في البرامج التي يقيمها المركز في عملية السلام يساهمون بجلاء في طرح الرؤى الحوارية، من خلال العلاقات التي أقيمت بالفعل خلال البرنامج، ويساهمون في أوقات الاستقرار في فهم أفضل للاختلافات، مما يسمح للمجتمعات الدينية أن تتعايش مع بعضها البعض بسلام.
حوار واقعى
فيما رأى الأسقف ميغيل أيوسو- عضو مجلس إدارة المركز- أن الأنشطة واللقاءات والبرامج التي يقوم بها المركز تعمل دائما على تفعيل حوار واقعي بين الديانات السماوية اليهودية والمسيحية والإسلام، والعمل على قبول الآخر واحترام الثقافات، وبناء الثقة بين مختلف الشعوب، عبر الأنشطة واللقاءات والبرامج التربوية والتعليمية التي يقدمها المركز، وأتمنى التوفيق الدائم لتحقيق استراتيجيته الحوارية، وفي النهاية لنعمل جميعا على تحقيق الأهداف المأمولة للمركز.
تعزيز الحوار
وأكدت مبادرة ميانمار السلمية وهي منظمة مدنية في ميانمار على أن مركز كايسيد عمل على دعم وتعزيز الحوار بين المجتمعات الدينية في ميانمار، وأثمر تعاوننا الوثيق مع المركز على مدار السنوات الثلاث الماضية، عن اتخاذ خطوات أقرب في ذلك الاتجاه.
تعليم تطبيقى
أما القذافى يوسف بابا- عضو مدير منتدى حوار الأديان من أجل السلام بنيجيريا- فقال: إن أعضاء المركز عندما جاؤوا للمشاركة في هذا المشروع، كنت أقول: ما الغاية من هذا المشروع؟ لماذا يجمع المسلمين والمسيحيين معًا؟ وعندما التقينا وبدأنا البرنامج الذي أطلقه المركز، أدركت حينها أن المسيحي ليس عدوي!
وقال د. تاراسدز يوبانسكي- أستاذ في الجامعة الكاثوليكية بأوكرانيا-: “كنت من بين أشخاص آخرين من جميع أنحاء العالم ممّن استفادوا من أنشطة المركز المتنوعة والهادفة، نفذ جميع الزملاء مبادرات بين الأديان أثرت وانعكست نتائجها على المئات بل آلاف من الأشخاص في جميع أنحاء العالم”.
سفراء السلام
وأوضح شيجا كيفن كوهومبا- من جامعة دار السلام بتنزانيا- أن المركز يقوم بعمل هائل في تدريب القادة الدينيين والسياسيين ونشطاء المجتمع والمدرسين ليكونوا سفراء للسلام والتماسك الاجتماعي في عالمنا، وفي إفريقيا تحديداً قدم المركز الكثير من الأعمال وخاصة في المناطق التي مزقتها الحرب مثل جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد ونيجيريا.
تعميم خطبة الجمعة
وأشار المفكر الفلسطيني هاني سميرات- عضو منظمة تعاون لحل الصراع- إلى واقعة تعميم خطب الجمعة في كافة مساجد الضفة الغربية التي وجه بها مدير دائرة إعداد الدعاة لدى وزارة الأوقاف الفلسطينية وأحد أبرز المؤثرين في الخطاب الديني، وأحد المستفيدين من الدورات التدريبية بحيث جاءت حول “الإسلام يرفض العنف”.. هذه الصورة تتكلم عن قوة برامج ( كايسيد ) في التحول الإيجابي.
النفع والفائدة
من جانبه ذكر الباحث الأميركي ألكسندر غولدبرغ- رئيس المجلس التنسيقي للمنظمات اليهودية في الأمم المتحدة- أن مركز الحوار العالمي هو مكان رائع للمشاركة في مناقشة قضايا حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين وسيادة القانون والحرية الدينية، وإنه أيضا لا غنى عنه في مجال الحوار بين العالمين الغربي والعربي، وتنظيم لقاءات تجمع بين أتباع الدين، هل هناك مركز في هذا المجال أكثر نفعًا وفائدةً؟
روح جديدة
ورأت كلوديا جيامبيترو- عضو الاتحاد الدولي للرؤساء العامين UISG بإيطاليا- أن المركز قدم موارد قيمة لا تُعد ولا تحصى في مجال الحوار بين الأديان، وتساءلت: أين يمكننا ضخ روح جديدة للمبادرات والمشاريع والأفكار التي تعد اليوم ضرورية للغاية ؟
واستطردت: أشعر بأنني محل تقدير واحترام أثناء عملي في المركز بصفتي وسيطة للحوار بين أتباع الأديان والثقافات.
مؤسسة فريدة
فيما رأت د. ألكساندرا ديوريك ميلوفانوفيتش- من الأكاديمية الصربية للعلوم والفنون، بصربيا- أن المركز هو مؤسسة فريدة من نوعها تجمع من خلال برامجها الرائعة العديد من القادة الدينيين والأكاديميين وممارسي الحوار من جميع أنحاء العالم.
وأضافت: يمثل المركز بالنسبة لي وللزملاء الأكاديميين، مكانا نوسع فيه آفاقنا باستمرار، حيث يمكننا أن نتعرف على أهمية الحوار العالمي وكيفية زيادة أثر أعمالنا في عالم اليوم، لقد أظهر لنا المركز القواسم المشتركة بيننا وكيفية التغلب على خلافاتنا من خلال الحوار الصادق والهادف، وفي نهاية المطاف، لا ينبغي أن تفوق الاختلافات الروابط التي تجمعنا.
وأكد القس د. إيشانو غوشا- أستاذ دراسات العهد الجديد في جامعة زيمبابوي-
أن المركز غيَّر النظرة إلى العالم تمامًا بشأن قضايا مثل: التصور والحوار والتعايش مع الآخر.
وأضاف: لقد تعلمت من خلال برامج التدريب المعنية بالحوار وحشد الموارد وبناء القدرات والهوية، الكثير عن حل النزاعات وتيسير الحوار واحترام الإنسانية.
وقالت كالينقوزا روز- من جامعة القديس أوغستين بتنزانيا-: صرت أكثر تسامحًا من ذي قبل مع الناس الذين يعتنقون ديانات أخرى وينتمون إلى خلفيات ثقافية مغايرة، وأتضرع إلى الله أن يستمر بتسخير المركز لمساعدة الناس على التعايش بسلام مع بعضهم البعض انطلاقًا من احترام اختلافاتهم الدينية والثقافية.
يناهض العنف
ومن أجلى المبادرات التي قام بها المركز العمل على مناهضة العنف، حيث عقد واحدا من أكبر المؤتمرات العالمية في هذا المجال وعقد في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك بحضور أنطونيو غوتيريس- الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة- يوم الجمعة 20 شوال 1438هـ الموافق 14 يوليو 2017م، للإعلان عن الخطة الإرشادية، وهي الأولى من نوعها التي تركز على دور القيادات الدينية والجهات الفاعلة في مواجهة التحريض على العنف الذي قد يفضي إلى ارتكاب الجرائم الوحشية اللا إنسانية لاسيما في المناطق المتأثرة بالتوترات الدينية والنزاعات الطائفية، ممهدا لها باجتماعات ضمت أكثر من 230 من القيادات الدينية من 77 بلدا، تحت إشراف المركز العالمي للحوار ومكتب الأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية والمسؤولية عن الحماية للمدنيين.
وفي ذلك عبَّر الأب خوسيه نانديهيكارا- مدير مركز دراسة الدين العالمي في كلية دار مرام بالهند- عن أمله في تحقيق التعايش السلمي من خلال البرامج التي يطرحها المركز قائلا: إننا اليوم نمرُّ بفترة عصيبة يكره الناس ويقتلون فيها بعضهم البعض دون وجه حق، جاعلين حياة الملايين من البشر أشبه بالجحيم، وعلى هذا يُعد وجود منظمات مثل مركز الحوار العالمي أمرًا ضروريًّا جدًّا لتعزيز الهدف النبيل المتمثل في العيش معًا في وئام وسلام ومحبة.
وقال آرام كشيشيان- رئيس كنيسة الأرمن الأرثوذكس من جمهورية لبنان-: ينبغي على القادة المسيحيين والمسلمين، أن يحفظوا أتباعهم من هذا العنف وسوء استخدام الدين، وفي هذا السياق أدرك جيدا أهمية المركز، وأنا أقدِّر القائمين على المركز وأشكرهم بشدة، وستواصل الكنيسة الأرثوذكسية الأرمينية تعاونها ومشاركتها النشطة في جميع برامج ومشاريع المركز.
جدير بالذكر أن المركز العالمي للحوار (كايسيد) منظمة دولية تأسست عام ٢٠١٢ من قبل المملكة العربية السعودية وجمهورية النمسا ومملكة إسبانيا إلى جانب الفاتيكان بصفته عضوا مؤسساً مراقباً. ويقع مقره في مدينة فيينا، عاصمة النمسا، ويسعى لدفع مسيرة الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المتعددة، والعمل على تعزيز ثقافة احترام التنوع، وإرساء قواعد العدل والسلام بين الأمم والشعوب.
كما تتضمن استراتيجيته العمل على ثلاثة مستويات، وهي الأول: حوار بين أتباع الأديان من أجل المصالحة والسلام في مناطق يساء فيها استخدام الدين لتبرير العنف والإرهاب، والمستوى الثاني: بناء القدرات على عمليات المصالحة والسلام من خلال برامج تدريبية مثل برنامج الزمالة الدولي وبرنامج اللاجئين في أوروبا، والمستوى الثالث: تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات داخل المنظمات والشبكات التي يكونها المركز من خلال جهوده بالتعاون مع مؤسسات دولية وحكومية.
ويرى المركز الذي يتألف مجلس إدارته من قيادات دينية، من المسلمين والمسيحيين واليهود والبوذيين والهندوس، أن الدين قوة فاعلة لتعزيز ثقافة الحوار والتعاون لتحقيق الخير للبشرية؛ حيث يعمل على معالجة التحديات المعاصرة التي تواجه المجتمعات، بما في ذلك التصدي لتبرير الاضطهاد والعنف والصراع باسم الدين وتعزيز ثقافة الحوار والعيش معاً.