حوار – جمال سالم:
يعد د. مختار مرزوق عبدالرحيم- العميد السابق لكلية أصول الدين بجامعه الأزهر بأسيوط- أحد العلماء المستنيرين حيث لم يقتصر همه الدعوي على مجال تخصصه في تفسير القرآن وعلومه وإنما يستحق لقب “داعية موسوعي” يواكب الأحداث ويعايش هموم الوطن السياسية والاجتماعية، ويدلي بدلوه فيها، موضحا حكم الشرع وتقديم النصائح للدعاة والشباب. من هنا تأتي أهمية هذا الحوار معه الذى تناولنا خلاله العديد من القضايا الحيوية المثيرة للجدل.
> يعلن أعداء الإسلام في الداخل والخارج من معتنقي الفكر التكفيري للمسلمين أن هدفهم إسقاط مصر وإقامة الخلافة المزعومة ،فما ردكم عليهم؟
>> يؤكد التاريخ الذي يجهله هؤلاء أن مصر هي قلب العروبة والإسلام، وبالتالي إذا- لا قدر الله- سقطت مصر انتهى العرب والمسلمون، ولهذا يجب علي الأمة العربية والإسلامية دعم مصر لأن في بقائها بقاءهم، والمتآمرون عليها هم في الحقيقة متآمرون علي الأمة كلها، ولهذا أدعو المصريين للمحافظة على الجيش والشرطة، أما زعمهم أن الخلافة فريضة إسلامية فهذه أكبر متاجرة بالدين لأن العبرة في أنظمة الحكم ما تطبقه على أرض الواقع من خير واستقرار وعدل لشعوبها بصرف النظر عن المسميات.
تسييس الدين
> هناك من يحاولون ربط الدين بأي جماعة أو حزب، ويشككون في علماء الأزهر، فما قولكم؟
>>هؤلاء خونة أرى أنهم ضمن الطابور الخامس الذين يقومون بـ”تسييس الدين” ويريدون هدم مصر الأزهر، ولهذا نؤكد أن مصر الأزهر باقية ببقاء الإسلام، وأزهرنا الشريف هو المرجعية الوحيدة التي لها حق التحدث باسم الدين. ولهذا فإن التشكيك في علمائه أولى خطوات التطرف وقبول الشباب بالعنف والفكر التكفيري لأن الإفتاء بغير علم من أخطر ما يهدد الأمة الآن.
وقد أصدر الجهلاء فتاوى تبيح التكفير والتفجير في المجتمع ويلبسون ذلك عباءة الدين وهو منها براء لأنها مخالفة للشرع بل تخدم أعداء الإسلام، وقد وصف الله تعالى هؤلاء وأمثالهم بقوله: “قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً> الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الْحَياةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا. أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً> ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَاتَّخَذُواْ آياتي وَرُسُلِي هُزُواً”.
تفسير عصري
> باعتباركم أستاذا للتفسير وعلوم القرآن، هل نحن بحاجة إلى تفسير عصري للقرآن الكريم في ظل طعن الكثيرين في التفسيرات القديمة للقرآن؟
>> بداية أؤكد انه لا غنى لنا عن تراثنا من تفسير القرآن وغيره، نأخذ منه المفيد مع الاعتراف بأن الناس في كل زمان ومكان بحاجة إلى من يقرب لهم أسلوب القرآن وينقل لهم ما قاله المسلمون القدامى بقالب عصري وأسلوب يناسب أفهامهم وبيئتهم، لذلك تجد أعظم مفسر في العصر الحديث وهو الشيخ الشعراوي، إذا نظرت إلى أي آية فسرها ثم رجعت لكتب التفسير الكبرى تجدها هي نفسها الآراء التي قالها الشعراوي، لكنه بسَّطها للناس، وقالها بأسلوب أقرب لأذهانهم وبيئتهم، من هنا يتأكد إعجاز القرآن، وأن عطاءه مستمر، ولا ينقطع إلى قيام الساعة.
إساءة للإسلام
> ألا ترى أن فشل تجربة بعض المتشددين الساعين للحكم باسم الدين قد أساءت إلي المتدينين بوجه عام؟
>>من الخطأ التعميم لأن فشل التجربة السابقة، لا يعنى أن نرفض كل متدين أو منتقبة بالشارع ونعدهم إرهابيين، كما يجب ألا نربط الإسلام بأي جماعة من الجماعات، سواء كانت صوفية أو سلفية، أو إخوانا، أو غيرها، فالإسلام يسع الجميع ولكنه أكبر من الجميع، ولابد من إعلاء القانون وتطبيقه على الجميع بلا تفرقة بين حاكم أو محكوم مثلما يحدث في الدول المتقدمة وهذا بالمناسبة مبدأ إسلامي وعدم استثناء أحد من المساءلة.
الإرهابيون لا دين لهم
> كيف ترى الحوادث الإرهابية التي وصلت إلي المصلِّين في بيوت الله؟
>>هؤلاء لا دين، ولا إنسانية لديهم بل أنهم أكثر وحشية من حيوانات الغابة ،وللأسف فإن كثيرا ممن ينفذون عمليات التفجير والقتل من الشباب الصغير الذين يؤجَّرون بالأموال، وهناك بعض الدول المعادية لنا تدفع لهم المليارات لتدمير مصر والقضاء عليها، ولابد من تنشيط دور العلماء في تصحيح فكر الشباب الذين يتبنون فكر العنف يأخذون علمهم عن غير المتخصصين ولم تلوث أيديهم بالدماء أما من تلوثت أيديهم بالدماء فالتعامل معه بالسلاح.
نصائح للدعاة
> ما نصيحتكم للدعاة وأنتم من الدعاة العصريين الذين يواكبون التطور في عالم المعرفة ويستفيدون منه في الدعوة؟
>> الداعية ابن عصره ،ولابد أن يفهم الواقع ويحسن التعامل معه، وأقول للأئمة: لو استفدتم من إمامتكم بالمساجد لكوّنتم ثروة معرفية واستفادة حقيقية قبل أن تفيدوا غيركم، لأنه للأسف ينقص كثير من الدعاة الإطلاع ومتابعة مجريات الأحداث رغم أن سبل الإطلاع أصبحت كثيرة ومتوافرة في كل مكان وحتى بالمحمول، وعلى الداعية أن يطوّر من نفسه وأسلوبه وأن يربط بين القديم والحديث ولا يوقف نفسه على القديم.
المراجعات الفكرية
> اختلفت الآراء حول “المراجعات الفكرية” والحوار مع المتطرفين سواء ممن ينتمون للجماعات المتطرفة والمارقة، فما رأيكم في تلك القضية؟
>> لابد من مراجعات فكرية بين أعضاء هذه الجماعات أنفسهم، كما راجعت الجماعة الإسلامية أفكارها من قبل، وأن يعلنوا خلال مراجعاتهم أنهم أخطأوا أولا، وأن تتم محاسبة كل من تلطخت أيديهم بالدماء لأن تحقيق العدالة حتى في العقوبات يؤدي إلي حالة من الرضا والارتياح بالمجتمع، ولا مانع مستقبلا من المصالحة مع أي فصيل بالمجتمع ما لم تتلطخ أيديهم بالدماء.
تغييب الوعي
> يتعرض شبابنا العربي والمسلم إلى حملة لتغييب وعيه وإبعاده عن الأزهر بتشويه صورته لديهم ، فماذا تقول لهم؟
>> أدعو الشباب إلى أن يلتفوا حول الأزهر وقياداته وعلمائه، وأن يتبعوهم ويأخذوا علمهم عنهم وألا يلتفتوا لاتهامات علماء الأزهر بأنهم علماء السلطة والنظام، فهذا وصف يراد به التشكيك فيهم والفصل بينهم وبين الشباب، وحينئذ يرتمي الشباب في أحضان المتطرفين والتكفيريين ويحدث ما لا تحمد عقباه وهذا ما نراه واقعا مع الشباب المغرَّر به فأضاع مستقبله وخسر دينه ودنياه، ولهذا يجب على الشباب أن يحكِّم عقله وليست هناك طاعة عمياء لأحد، وليست هناك طاعة مطلقة إلا لله ولرسول الله، أما البشر فهو يخطئ ويصيب والطاعة العمياء يظل صاحبها طوال حياته مغفلا.
إيمان الشباب
> ماذا تقول للشباب المصري الذي يعمل الأعداء علي زعزعة إيمانه بدينه ووطنه؟
>> أقول لهم: أيها الشباب عودوا إلى دينكم ،وراية أزهركم ،لأنه إذا تم النيل منهما انتهت الدولة، وهذا مستحيل إن شاء الله لأن مصر محفوظة بحفظ الله ،وفيها يعيش ومدفون آل بيت رسول الله، وفضائلها في القرآن الكريم والسنة النبوية كثيرة وما حقيقته عبر التاريخ محفور ومذكور بحروف من نور، ولا ينكرها إلا جاهل أو جاحد.
أدعياء العلم
> يتخذ أدعياء العلم من بعض الفضائيات منبرا لهم يتهكمون فيها علي أئمة المسلمين قديما وحديثا، فكيف ترى هذه الظاهرة؟
>>هذه حرب علي الإسلام نفسه لاقتلاعه من القلوب والعقول، بدليل أننا نجد البعض يؤكدون أن الدين لم يأت لترتيب الحياة ويسخرون من الأحاديث التي تتكلم عن الحمَّامات وقضاء الحاجة، مع أن هذه أشياء ثابتة في البخاري ومسلم وغيرهما ويعرفها كل مسلم، فكيف نتصور حال من لا يعرف أحكام الاغتسال والطاهرة؟ كما أن هناك من يدعون أن التراث الإسلامي هو المانع من دخول عالم التقدم وهم في الحقيقة لا يعرفون شيئا عن التاريخ الماضي والحاضر لأن الدين الإسلامي هو أكثر الديانات انتشارا وتشجيعا للعلم وإعمالا العقل، بدليل أنهم شيدوا أعظم حضارة في تاريخ البشرية وقد جمعوا خلالها بين الدين والعلم، وأمثال هؤلاء الجهلاء الأفضل تجاهلهم أو الرد عليهم من خلال العلماء المتخصصين لأن الجهل ينضح من كل جوانبهم، فمثلا يتهكم بعضهم على البخاري ومسلم ويقول: مفيش حاجة اسمها “متفق عليه” يتفقون مع بعض اتفاقهم لا يعنينا.
ونحن دائما نقول: كل من يطعن في صحيح البخاري إما جاهل وإما مغرض، ولست مبالغا إذا قلت أن الجهل الفاضح لهؤلاء يكشفهم ،وكثيرا من ذلك لا يستحق الرد.
نشر الفضائح
> ما حكم نشر الفضائح والفواحش والتشهير بالآخرين في الجرائد وعلى مواقع التواصل؟
>> بداية أوجِّه كلمة للقائمين على كل الصُحف وإلى كل الناس على مواقع التواصل، إن نشر مثل هذه الأعمال يدخل في دائرة الحرمة الشديدة بل إن نشر هذه الفضائح إشاعة للفاحشة لقول الله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”، ولاشك أن نشر مثل هذه الأخبار يجعل كل من تسول له نفسه فعل الفواحش يستسهل الأمر ويستسيغه، لأن نفسه ستحدثه بأن المجتمع مجتمع فاسد وأن معصيته أهون من معصية غيره حتى يصير فاسقًا.
التصرف الشرعي
> ما التصرف الشرعي الصحيح في التعامل مع الفضائح؟
>> مثل هذه الأمور مبنية على الستر وعدم الخوض فيها خشية عقاب الله تعالى، ولنتأمل ما ورد في حديث نعيم بن هزال عن أبيه أن ماعز بن مالك كان في حجره. قال: فلما فجر. قال له: ائت رسول الله فأخبره. فقال رسول الله له ولقيه: (يا هزال أما لو كنت سترته بثوبك لكان خيرًا لك مما صنعت به)، كل من يقوم بالتشهير بأحد وفضحه في الدنيا سيكون خصمًا له يوم القيامة وسيأخذ من رصيد حسناته بقدر مظلمته، قال الله تعالى: “فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه”.
الفتاوى الشاذة
> كيف نواجه موجة الفتاوى الشاذة المسيئة للإسلام والمسلمين؟
>> مواجهة الفتاوى الشاذة التي انتشرت في المجتمع تكون بعقد لجنة من علماء المسلمين لمحاسبة هؤلاء الناس، والشد على أيديهم؛ لأنهم إذا لم يتركوا الأفكار الشاذة التي تبلبل الفكر فمن صلاحيات تلك اللجنة منع هؤلاء من الظهور في الفضائيات؛ ولو تم الأمر على هذا النحو لكان حسنا، وكذلك إصدار تشريعات عقابية صارمة ورادعة لكل من تسول له نفسه العبث في الدين والإفتاء بغير علم ، وإذا نظرنا إلى أي مهنة نجد أنها قاصرة على المتخصصين وذوي الكفاءات، والدين لا يقل أهمية عن هذه العلوم والتخصصات الدنيوية بل إنها أغلى منها، ولهذا يجب اللجوء إلى أهل التخصص لأنه أمر الهي حيث قال الله تعالى: “فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ”.
وإذا حاسب القانون المخطئ لَفَكَّر كل أدعياء العلم قبل أن يثيروا البلبلة، كما انه يجب مناقشة الفتاوى الشاذة بين العلماء بعيدا عن الإعلام، ولا يعرضها على الرأي العام، حتى وإن قال بها بعض الفقهاء؛ لأنه ليس كل قول شاذ ينشر أمام الناس ويسبب البلبلة بل إنها أقوال ضالة مضلة.
مفهوم مغلوط
> هل تقصير الآباء والأمهات في حق أبنائهم يعد مبررا لعقوق الأبناء؟
>> ليس هناك أي مبرر لعقوق الوالدين، والغريب أنه قد سألني أحد أبنائي من أئمة المساجد عن القصة المشهورة عن عمر بن الخطاب حين جاءه رجل يشكو إليه عقوق ولده له، فقال الولد أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال عمر: بلى. قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه ويعلمه القرآن ،فقال الولد: يا أمير المؤمنين أن أبي لم يفعل شيئا من ذلك، أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جعلا أي خنفساء، ولم يعلمني من القرآن حرفا، فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك وأسأت إليه قبل أن يسيئ إليك.
المفاجأة أنه- بعد طول بحث- توصلت إلى أن هذه القصة غير صحيحة ولم ترد في كتب السنة ولا التاريخ بسند يعتمد عليه، وعلى هذا فليس لها أصل رغم شهرتها على الألسنة، كما قرأت في بعض المواقع المتعلقة بالسنة المشرفة أنه لا أصل لهذه القصة وأنها وردت في كتاب “تربية الأولاد في الإسلام” للإستاذ عبدالله ناصح علوان وقد نقلها عن الغزالي، والظاهر أنها غير صحيحة، وإذا قمنا بنقد القصة من ناحية المتن فإن في هذه القصة تشجيع من طرف خفي لكل من تسول له نفسه أن يعق والديه بحجة أنهما أساءا إليه فلا شئ في عقوقهما، وهذا أمر في غاية الخطورة ولا يمكن أن يوافق عليه سيدنا عمر، كما أن القرآن الكريم واضح في هذه القضية أنه يجب مصاحبة الوالدين بالمعروف حتى وإن كانا على غير الإسلام قال الله تعالى: “وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا”، وهذا الأمر يعد من محاسن الإسلام، كما ورد في حديث ضعيف جدا قوله صلى الله عليه وسلم “حق الولد على والده أن يحسن اسمه ويعلِّمه الكتاب ويزوّجه إن أدرك”، وكل هذا لا ينفي أن الآباء مسؤولون عن تربية أبنائهم لقوله صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) رواه البخاري وغيره.
سخرية مرفوضة
> ما هي خطورة نشر آيات قرآنية أو أحاديث نبوية على صور ساخرة على مواقع التواصل الإجتماعي؟
>> للأسف فإن هناك من الصور الساخرة التي تنتشر على مواقع التواصل الإجتماعي وفيها استهزاء بآيات الله تعالى، فينشر البعض صورًا ساخرة ومعها تعليق بآية من القرآن حتى لو كانت من صانع الصورة أو من نشرها على صفحته قد لا يقصد ذلك، فهو أمر خاطئ لأن الإستهزاء بكتاب الله أو رسله أو كتبه ونحو ذلك يعد من الموبقات المخرجة عن الملَّة إذا قصد صاحبها ذلك، وقال أن الإصرار على تكرار هذا العمل وعدم التوبة منه فإنه يخشى عليه أن يموت على غير الإسلام، كما أن الاستهزاء بآيات الله من صفات المنافقين، لقول الله تعالى: “وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ> لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ”، ولهذا يجب أن يكون ذكر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في معرض التعظيم والتبجبل احتراما وتوقيرا وتعظيما وليس في المزاح واللعب، هذا هو شأن المؤمن الذي يخاف مقام ربِّه.
مستقبل مصر
> كيف ترى مستقبل مصر فى الفترة المقبلة؟
>> أنا شخصيا أرى أن مصر بخير، وأن مستقبلها سيكون خيرا، وأن ما فيها من حوادث الإرهاب والقتل وسفك الدماء تنحسر وستنتهي يوما ما حين تحدث صحوة ضمير لهؤلاء الناس الذين يبيعون دينهم بدنياهم، ويتاجرون بالدين، لأغراض خبيثة ودنيئة، ثم إن عوامل الاستقرار قوية في مصر، فالحمد لله شرطتها تعافت كما أن قوَّاتها المسلّحة تقوم على حراسة البلاد، وأن أزهرها يقوم على رعاية الناس بفكره الوسطى المستنير الذي يقبله الناس منذ مئات السنين في مصر وفى غيرها من البلاد، كما هو مشاهد معلوم، كما أنني لا يفوتني أن الكنيسة القبطية أيضا موقفها وطني لا يقل في وطنيته عن دور الأزهر، وبتضافر هذه المؤسسات على رعاية مصر والمصريين ستكون مصر محفوظة، بحفظ الله تعالى الذي يسَّر لمصر هذه المؤسسات الوطنية المخلصة، ولاشك أن إشادة الرئيس بتجديد الخطاب الديني تعتبر تأكيدا لنجاح الأزهر في مهمته في الوقت الذي شن البعض فيه هجوما شرسا على الأزهر لدرجة أن بعضهم قال إنه قد مات. وهذه مزاعم باطلة لأن الأزهر فخر لكل المصريين لاسيما دول العالم الذين يعرفون مصر بأنها بلد الأزهر، ورجاله في كل مكان ينشرون الفكر الوسطى. ومن المحزن أن يأتي بعض الجهلة ويقولون لابد من إغلاق الأزهر. ولعل إشادة الرئيس تكون كافية للرد عليهم.
كما أن المؤسسات الأزهرية كلها تنشر الفكر الوسطى بين الناس والذي يطالع أحاديث الفضائيات يعلم كم من الأزاهرة الذين ينشرون رسالة الإسلام، فلم نر أزهريا يوما يدعو لتكفير الناس أو الخروج على النظام الحاكم أو الفوضى لكن الأزهر وشيخه يدعون إلى الوسطية والمحافظة على الدولة، ولكن إذا كان هناك شذوذ فهذا طبيعي فلكل قاعدة شواذ، فالشاذ في علم النحو يُحفظ ولا يُقاس عليه، فليس معنى ذلك أن نهدم المؤسسات ولكن علينا الإصلاح، كما أن شيخ الأزهر يجوب دول العالم ليؤكد أن الإسلام لا علاقة له بالإرهاب، وعلماءه يؤكدون أن الإسلام دين سلام وعدل.