في إطار دور وزارة الأوقاف الدعوي التنويري والتثقيفي ، وعملها الدءوب على غرس القيم الإيمانية والإنسانية السامية الراقية ، ودورها المستمر في إعمار بيوت الله (عز وجل) مبنى ومعنى ، ألقى أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف اليوم الجمعة 20/ 8/ 2021م خطبة الجمعة بعنوان : “جبر الخاطر وأثره على الفرد والمجتمع” بمسجد (عباد الرحمن) بقرية العراقي بمركز أبو حماد بمحافظة الشرقية ، بحضور أ.د/ ممدوح غراب محافظ الشرقية ، وأ.د/ شوقي علام مفتي الجمهورية ، واللواء/ محمد والي مدير أمن الشرقية، والشيخ/ مجدي بدران مدير مديرية أوقاف الشرقية ، والشيخ/ زكريا الخطيب مدير مديرية أوقاف المنوفية ، والدكتور/ محمد إبراهيم حامد وكيل مديرية أوقاف الشرقية ، وعدد من السادة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بمحافظة الشرقية ، وعدد من القيادات الأمنية والشعبية بالمحافظة .
وفي بداية خطبته أكد أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف على أهمية التراحم فيما بيننا ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم ، وتَرَاحُمِهِم ، وتعاطُفِهِمْ مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى” ، فديننا دين الإنسانية في أسمى معانيها ، دين مكارم الأخلاق ، ومن أسمى مكارم الأخلاق ؛ جبر الخاطر ، يقول سفيان الثوري : “ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم” ، ورب العزة سبحانه وتعالى سمى نفسه في كتابه العزيز “الجبار” يقول الحق سبحانه : ” هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ” ، ومعنى الجبار هو الذي يجبر عباده ، فكما قال الإمام القرطبي (رحمه الله) في دلالة هذه الآية : “فهو سبحانه الذي يجبر الكسير ، ويُعطي الفقير ، ويغفر للمذنبين ، ومن ذلك ما حكاه القرآن الكريم في قصة أم سيدنا موسى (عليه السلام) عندما فارقها ابنها ، يقول سبحانه : ” فَرَدَدْنَهُ إِلَى أُمِّهِ كَي تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ” ، ويجبر خاطر السيدة سارّة زوج سيدنا إبراهيم (عليه السلام) فيقول سبحانه : ” وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ” ، وعندما خرج سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) من مكة ونظر إليها نظرة المحزون قائلًا : “واللَّهِ إنَّكِ لخيرُ أرضِ اللَّهِ وأحبُّ أرضِ اللَّهِ إليَّ ولولا أن أَهْلَكِ أخرَجوني منكِ ما خَرجتُ” يأتي جبر الخواطر الإلهي بقوله تعالى : ” إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ” فأبشر يا محمد ستعود فاتحًا منتصرًا إن شاء الله تعالى ، ولما أحزنه (صلى الله عليه وسلم) تكذيب قومه له ، وعدم إيمانهم به ، جاءه جبر الخواطر الإلهي والمواساة الإلهية بقول رب العزة سبحانه: “قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ” ، ويقول له الحق سبحانه : “وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا” .
وأمرنا الحق سبحانه أن نجبر الخواطر ، ففي الحديث القدسي : “إنَّ اللَّهَ (عزَّ وجلَّ ) يقولُ يَومَ القِيامَةِ : يا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قالَ: يا رَبِّ كيفَ أعُودُكَ؟ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ، قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أما عَلِمْتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قالَ: يا رَبِّ وكيفَ أُطْعِمُكَ؟ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ، قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّه اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أما عَلِمْتَ أنَّكَ لو أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذلكَ عِندِي، يا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي، قالَ: يا رَبِّ كيفَ أسْقِيكَ؟ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ، قالَ: اسْتَسْقاكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أما إنَّكَ لو سَقَيْتَهُ وجَدْتَ ذلكَ عِندِي” ، ولذلك كانت السيدة عائشة (رضي الله عنها) تطيِّب الدراهم قبل إخراجها وتقول : إن الدرهم ليقع من يد الله بمكان قبل أن يقع في يد الفقير .






























