يقول الحق سبحانه: “وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ” (ق : 19)، ويقول نبينا – صلى الله عليه وسلم -: “إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ” (صحيح البخاري)، فساعة السكرة والاحتضار هي آخر منازل الدنيا وأول منازل الآخرة، فالسعيد من رزق التثبيت فيها، حيث يقول الحق سبحانه: “يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ” (الرعد : 27)،
ويقول سبحانه: “إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ” (فصلت : 30 -32)، ويقول نبينا – صلى الله عليه وسلم -: “من كانَ آخرُ كلامِهِ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخلَ الجنَّةَ” (سنن أبي داود).
وقد روي أنه لما حضرت محمد بن سيرين الوفاة بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أبكي لتفريطي في الأيام الخالية، وقلة عملي للجنة العالية، وما ينجيني من النار الحامية.
ودخل المزني على الإمام الشافعي في مرضه الذي توفي فيه، فقال له: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ فقال الشافعى: أصبحت من الدنيا راحلا، وللأصحاب مفارقا، ولسوء عملي ملاقيا، ولكأس المنية شاربا، وعلى الله واردا، ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أم إلى النار فأعزيها، ثم أنشأ يقول: