كثيرا من الرجال فهموا معنى الآية الكريمة التى جاء فيها لفظ الضرب فهما خاطئا فعندما قال تعالى( واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن ) هذه الآية بها واو عطف وهى تفيد الترتيب والتعقيب فمعنى ذلك أن هذه الأحكام مرتبة النصح أولا للزوجة عند نشوزها عن طاعة زوجها مرارا وتكرارا باللين وبالقول الحسن لأن الله تعالى قال ( وعاشروهن بالمعروف ) فإذا لم تعود لصوابها وترجع عن عنادها المستمر فللزوج هجرها فى داخل الحجرة فإذا لم تفيق وتعود فله أن يألمها نفسيا وهو معنى الضرب ويكون بمنديل أو بالسواك وهذا للتأديب المعنوى وليس للضرب المفهوم العنيف المؤذى.
وإليكم العديد من الأدلة، فعندما غضب سيدنا أيوب على زوجته وأقسم أن يضربها مائة ضربة فماذا قال له الرحمن؟ ( فخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث ) أى خذ مائة عود صغير من القش أو مايشبه حشائش الزرع واجعلهم فى ربطة واحدة وبرفق اضربها به حتى لا تحنث فى الحلف الذى حلفته.
بالله عليكم الذى يأمر بهذا هل يعقل أن يأمر بضرب المرأة بالفهم الذى يفهمه بعض الذكور، إن الذى يضرب زوجته ويصفعها على وجهها أقول له لقد نهينا جميعا ورجالا عن لطم الوجه لأى إنسان أو حتى حيوان، فلطم الوجه من المحرمات، ألا يستحي هذا الزوج أن يفعل هذا الأمر وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن تقبيح الوجه وضربه مطلقا ونهى عن كسر العظام وعن ضرب البطن ونهى عن ترك أثر مطلقا أو الضرب المتكرر على موضع واحد ونهى عن أن يدمى موضع فى الجسد.
إذن قل لى أين تضربها هذا الضرب المبرح الذى تفعله، لقد وصاك النبى صلى الله عليه وسلم فقال( استوصوا بالنساء خيرا فانهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ) فكيف يوصيكم النبى عليها وأنت تؤذيها، الوصية تعنى خلى بالك منها، أكرمها، أجبر بخاطرها، والا الوصية تعنى لمن يفعل ذلك الضرب والإهانة.
وهناك دليل آخر لقد أخبرنا سبحانه أن المراة حتى وإن وصلت لمرحلة الاتيان بالفاحشة فلا يحق لك حتى ضربها فقال تعالى( واللاتى يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن فى البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ) أرأيت حتى فى ذلك لاتضربها، والضرب هنا بعد هجر الفراش للاعراض حتى لايحدث شقاق وخناق بعد ذلك فهو للايلام النفسى بالمنديل أو بالسواك لعلها ترجع وتفيق قبل أن يتحول الأمر إلى شقاق بدليل الآية التى بعدها تقول( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما، إن الله كان عليما خبيرا ).
نعم هو العليم الخبير الذى يعلم ما يصلح المرأة والتى وصاك عليها وأخبرك حتى ان أردت أيها الزوج أن تتزوج عليها وسئمت عشرتها وقد أعطيتها الكثير من الأموال فلا تأخذ مما أعطيتها شيئا لأنك فى هذه الحالة تأخذ هذا المال ظلما وزورا وبهتانا وإقرأوا إن شئتم قوله تعالى( وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وءاتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا، أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا ) ثم تمعن فى الآية القادمة التى تخبرك بأنك كيف تأخذ هذه الأموال وقد أصبحت أنت وهى نسيج واحد فى علاقة حميمة وأخذتها بكتاب الله وميثاقه فكيف تفعل هذا بها فيقول سبحانه( وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا ).
أيها الرجل الذى تعذب زوجتك وتفهم معنى الضرب فهما خاطئا، تمهل فسيحاسبك الله على كل لطمة على وجهها وعلى كل تجريح وإهانه لها، اتقوا الله فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم فى خطبة الوداع( الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ) فرفع شأنها وقرنها بعظم شأن الصلاة، وقال( رفقا بالقوارير ) وقال( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى ) وقال( مايكرمهن الا كريم وما يهينهن الا لئيم ) وقال( فلا تضربوا إماء الله ) وإليكم المفاجأة الكبرى ،هل الله سبحانه الذى لم يرضى الحزن أبدا للنساء يأمر بضربها كى تحزن؟ إليكم الجواب وسأترك لكم الحكم، يقول سبحانه ( ولاتخافى ولاتحزنى ) ويقول سبحانه( فناداها من تحتها ألا تحزنى ) ويقول سبحانه( أن تقر أعينهن ولايحزن ) أرأيتم كيف ذكر الله تعالى حزن المرأة مرارا، لأن حزنها يكون عميقا عندما تحزن ويؤثر هذا على جمالها، بل يؤثر على الغدد التى تفرز هرمون الأنوثة فرفقا أيها الرجال بالقوارير واستوصوا بهن خيرا