الأحداث المؤسفة الأخيرة التى وقعت فى أفغانستان عامَّة، وفى مطار كابول خاصّة، تحمل الكثير من الدروس والعِبَر والدلالات، لكن أكثر ما شَدَّنى بل جعلنى مَزْهُوًّا وفخورا بمِصرِيَّتى، ذلك الموقف الإنسانى النبيل- قبل كونه تعبيرا وتجسيدا عن قيمة المواطن لدى قيادة وإدارة وطنه الأُمّ- حيث تمّ إجلاء البعثة والمواطنين المصريين الموجودين على أرض أفغانستان، رغم تعقّد الموقف وسط هذه الأجواء والأوضاع المأساوية المُحْزِنة، ما يؤكد أن مصر الجديدة لا تُفرِّط ولا تُضيّع ولا تترك أبناءها يواجهون الصعوبات- خاصة وهُم فى الغُربة خارج حدود وطنهم- وإنما تُسارع لنجدتهم والوقوف بجانبهم وإعادتهم إلى أحضان وطنهم وأهلهم، مهما كلّف الأمر من إجراءات وأعباء، فحياة المواطن المصرى هى أغلى ما يكون.
وكلنا يتذكّر ذات المواقف وحرص القيادة المصرية بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، مع أشقائنا فى عدد من الدول وقد تقطَّعت بهم السُبُل، سواء فى ليبيا، الصومال، اليمن، لأسباب سياسية أو اقتصادية أو بحثهم عن “لُقمة العيش”، وغيرها الكثير من الدول خاصة أثناء جائحة كورونا وإغلاق وتوقّف وسائل النقل والانتقال وعلى رأسها الطائرات، حيث كانت مصر الجديدة تُرسل طائراتها، بإشراف ورعاية من قوَّاتها المُسَلَّحَة لإجلاء مواطنيها وإعادتهم بسلام إلى أرض الوطن وحضن الأهل.
وكثير منَّا تعود به الذاكرة إلى عقود مضت حين كان المصريون يُترَكون لمصيرهم فى مثل هذه المواقف، ولا يجدون من يرقّ لهم قلبُه، ولا يشغل بالُه بمتاعبهم ولا يصغى لأنَّاتِهم وصرخاتهم. وهذا هو الفرق بين مصر زمان والآن.
“مصر الجديدة” اليوم تحرص كل الحرص على خلق “حياة كريمة” لأبنائها، فى أى مكان يتواجدون فيه، سواء داخل حدود الوطن أو خارجه، فهى تؤمن بأن البناء والتنمية لابد أن يكون أولا فى بنيان الإنسان قبل بنيان الحجر، وإن كان الأمر يتطلّب الإسراع فى بنيان الحجر لتوفير الحياة الصالحة والملائمة لإقامة الإنسان فى أمن وأمان، ولذلك نجد تسارع وتيرة إنجاز المشروعات التنموية العملاقة فى كافة ربوع الوطن، لتوفير الرخاء والتنمية لجميع أبناء الوطن، بلا تفرقة أو تمييز أو تهميش لسكان منطقة أو إقليم لصالح مناطق أخرى، فالجميع شُركاء ويتمتّعون بكافة الحقوق والامتيازات وهذه هى “العدالة الاجتماعية” فى أسمى معانيها وصورها، وترجمة حقيقية لقيمة ومبدأ “المواطنة” بما تحمله من حقوق وواجبات، يتساوى فيها جميع أبناء الوطن.
وبذلك “تحيا مصر” عزيزة، يفخر كل مصرى بالانتماء لترابها، والولاء لمصالحها، مُضحّيا بنفسه وماله وأهله دفاعا عنها وعن أمنها وسلامتها، طالما أنه أيقن بحرصها على أمنه وسلامته وحياته، وهكذا يكون الانتماء والولاء متبادلا بين الوطن والمواطنين.
ولا يبقى لنا إلا أن نُردِّد بقين وإيمان “تحيا مصر” بأهلها وشعبها.