إذا انعدمت الأخلاق المبنية على التعاليم الدينية الإسلامية التى تربَّينا عليها، شاع كثير من الجرائم الغريبة على مجتمعاتنا المحافِظة والتى لم نسمع أو نر مثلها من قبل، وظهرت البلطجة فى شوارعنا بصورة مقزِّزة، لدرجة أن وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت كل يوم تتداول فيديوهات لهذه الحوادث الغريبة على مجتمعاتنا، منها فيديو متداول لمجموعة من البلطجية يحملون “سنج وسيوف” ويعتدون على رجل داخل بيته وقتله بدم بارد وسط أطفاله وأسرته.
كما شاهدنا أيضا أعمال بلطجة وشجارات دموية وألفاظ نابية بين بعض الشباب فى الساحل الشمالي، وكلها موثَّق ومتداول على وسائل التواصل، هذه الحوادث وغيرها من البلطجة التى نشاهدها كل يوم فى الشارع، أثارت غضبى واستيائي، وأعتقد أنها أثارت استياء كل من شاهد هذه الفيديوهات أو سمع بها، لخطورة ما وصلنا إليه من سوء الأخلاق، والتى أدَّت إلى الاستهانة بأرواح وحياة الناس لأتفه الأسباب.
فإذا فسدت الأخلاق فسد كل شئ فى الحياة، وفساد الأخلاق لا يولد فى الإنسان فجأة، ولكن بُعدنا عن الدين وتعاليمه السمحة، وعدم إيماننا بالله، وضعف الوازع الدينى لدى الكثير منا، والأمية الدينية التى يعانى منها البعض ممن لا يطبّقون شرع الله، هو الذى أفسد أخلاقنا.
هذا النوع من الجرائم البشعة التى يرتكبها هؤلاء البلطجية، أعدّها الله تعالى إفسادا فى الأرض، فقال تعالى: “ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين”، وكما قلتُ فإن المعاصى السبب الرئيسى فى فساد الأخلاق والأعمال والأرزاق كما قال الله تعالى: “ظهر الفساد فى البرّ والبحر بما كسبت أيدى الناس”، ألم يعلم هؤلاء المفسدون أن بمعاصيهم تهلك الزروع والثمار وتتلف وتقل البركة والرزق وهذا ما نعايشه الآن كما قال تعالى: “وإذا تولّى سعى فى الأرض ليُفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد”.
إن الاعتداء على دماء وأعراض الناس ليس من خُلُق المؤمن الصالح، وتزايد جرائم البلطجة، يتنافى مع العُرف والدين والقانون، ويحتاج إلى تشديد العقوبة القانونية الرادعة لهذه الأفعال الشنيعة، ومحاربة هذه الظاهرة التى زادت بصورة كبيرة فى الفترة الأخيرة وأصبحت تؤرّق حياتنا وتهدّدنا، حتى يرتدع هؤلاء المجرمين.
ولنتذكر وصية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حينما خطب فى الناس يوم النحر فقال: “فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحُرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا فى شهركم هذا”. وندعوا الله تعالى أن يعافينا من مثل هذه الجرائم غير الأخلاقية، ولا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، اللهم لا تسلّط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا.