ألقى الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم- محاضرةً، اليوم السبت، بحضور ا .د محمد مختار جمعه وزير الأوقاف على عدد من الأئمة والدعاة من السودان الشقيق، وذلك ضمن البرنامج التدريبي لأكاديمية الأوقاف، وذلك تحت عنوان “الفتوى والاستقرار”.
وتوجه فضيلة المفتي في بداية المحاضرة بالشكر لمعالي وزير الأوقاف لدعوته الكريمة.

ثم تناول فضيلته مفهوم الإفتاء باعتباره علمًا له علماء متخصصون، وله مراجعه وآدابه؛ ومن ثم فإن هذا يقطع الطريق أمام محاولات الدخلاء لإحداث الفوضى، كما أكد فضيلته على أن دار الإفتاء المصرية هي حلقة من حلقات تكوين العقل الإفتائي والتأهيل العلمي، وحلقة من تكوين العقل الاجتهادي؛ حيث تهتم بتدريب الباحثين الشرعيين الذين استفادوا من المنهجية الأزهرية تدريبًا قد يستغرق سنوات ليستطيع الباحث أن يُصدر حكمًا شرعيًّا متفقًا مع مقصود الشارع، ومتفقًا مع الواقع المَعيش فيه، ورابطًا بين الواقع المعاصر وبين دلالات النصوص الشرعية والأدلة.
كما استفاض فضيلة مفتي الجمهورية في شرح شروط وآداب عملية الإفتاء، موضحًا أنها تتكون من 3 أركان أساسية، وهي: المفتي والفتوى والمستفتي، وأنه لكل ركن من هذه الأركان عدة شروط وآداب، فالفتوى صنعة لها منهجية علمية وإطار محدد كما أشار إليه المالكية في كتبهم، قائلًا: عندما نعمِّق النظر في مكونات الفتوى نجد أنها تتكون من جملة من العناصر المتكاملة التي جاءت الفتوى لتجيب عنها، ويمكن حصرها في 4 أسئلة، وهذه الأسئلة هي: هل؟ بمعنى: هل ثبت في هذه المسألة نص شرعي؛ ويلزم منه التثبت الذي هو من الأسس المنهجية لدى العلماء المسلمين على كافة العصور.
أما السؤال الثاني فهو: ماذا؟ وتعني: ما المراد من هذا النص؟ والسؤال الثالث هو: لماذا؟ وتتعلق بمسألة التعليل؛ أي لماذا شرع الله سبحانه وتعالى عبادة معينة أو حكمًا معينًا، ويبدأ العقل في التفاعل، وصولًا إلى مقصود الشريعة الإسلامية من ذلك، وأن الأوامر الشرعية إنما جاءت من أجل تحقيق مصالح الخلق، والنواهي جاءت لدفع الضرر والمفاسد عن الناس.
والسؤال الرابع هو: كيف؟ ونعني به: كيفية إنزال الحكم على الواقع، وهذا يحتاج إلى تدريب وتأهيل للمفتي للنزول بالحكم الشرعي على أرض الواقع بعد إدراك المتغيرات والمآلات.
وفي سياق متصل تطرق فضيلة المفتي إلى الحديث عن المذاهب الإسلامية، وكيف كانت عبر التاريخ الاسلامي طريقًا للاستقرار النفسي والاجتماعي، حيث استثمرت التجربةُ المصرية المذاهب الإسلامية لتحقيق هذا الاستقرار، مشيرًا إلى أن المذاهب نشأت على أيدى أئمة عظام لا يُختلف على علمهم أو تمكُّنهم من أدوات النظر والاستدلال والاستنباط، وقد قيَّض الله تعالى لهؤلاء الأئمة التلاميذ النجباء المخلصين الذين شاركوا أئمتهم في إقامة بنيان هذه المذاهب ونشرها في مختلف الأقطار والأرجاء، واستمرت هذه المذاهب حتى يومنا هذا تحفظ على الناس دينهم، وتحفظ علم الفقه حيًّا نابضًا متفاعلًا مع مستجدات العصر”.
