اهتم القرآن الكريم بذكر المرأة اهتمامًا كبيرًا , َفعرَف بحقوقها, وبيَّن مكانتها في الإسلام, وأوصى بها , وحذَّر من التعدي على حقوقها , ولكنه قبل ذلك وضع منهجًا راقيًا في التعامل مع المرأة , فقد اهتم بإزالة الشبهات المثارة حول المرأة وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن أهم الشخصيات النسائية في تاريخ الإنسانية كأمنا حواء وكالمصطفاة الطاهرة مريم, وأم المؤمنين عائشة,
وإذا نظرنا إلى أمنا جميعا حواء أم البشر زوج آدم عليه السلام فسنجد أن هناك تهمة ألصقت بها تدَّعي أنها السبب في شقاء البشرية , وأنها التي أغوت آدم فأكل من الشجرة المحرمة طاعة لها؛ فقد تسببت في طرده من الجنة والنزول إلى الأرض لِيَلْقى وأبناءه الشقاء والعناء ويتضح ذلك تفصيلًا في العهد القديم سفر التكوين الأصحاح الثالث حيث ورد فيه أن الحية هي التي أغوت حواء وغررت بها وجعلتها لا تصدق كلام الرب بل تعصاه وتخالف أمره وتأكل من الشجرة المحرمة ، كما أنها لم تكتفي بذلك بل قدمت ثمر الشجرة المحرمة لزوجها آدم وأغوته فجعلته يعصي ربه ويأكل من الشجرة المحرمة ويستحق العذاب والعقاب هو وكل أبناءه والأرض أيضا .التكوين الأصحاح الثالث ٦:١
( فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ.7 فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ.8 وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ.9 فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟».10 فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ».11 فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟»12 فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ 13 فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ.14
وعوقبت حواء وكل بناتها من بعدها بسبب خطيىتها كما ورد في العهد القديم بعقوبات وردت فيما يلي ( وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ 17
وعوقب آدم وابناءه من بعده وعوقبت الأرض كلها باللعن بسبب آدم لاتباعه زوجته ، وعوقب وآدم وذريته بالعذاب والشقاء في الأرض، لأنه استمع لامرأته وصدقها وعصى ربه، ففي سفر التكوين الإصحاح الثالث: (وَقَالَ لآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ.18 وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ.19 بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ 20 )
وتسبب ذلك في فقد ثقة الرب بآدم وعدم ائتمانه على الجنة وما فيها فطرده منها، ووضع حراسًا من الملائكة على الجنة وشجرها حتى لا يستطيع آدم أن يدخلها او يصل إلى شجرها، ورد ذلك في ، تكوين ٣:( وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ 23 فَأَخْرَجَهُ الرَّبُّ الإِلهُ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ الَّتِي أُخِذَ مِنْهَا.24 فَطَرَدَ الإِنْسَانَ، وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ.)
وانتقلت القصة إلى أجيال كثيرة تناقلتها من العهد القديم، والعهد الجديد فنجد لها أثرًا في العهد الجديد؛ فلم يُسْمَح للمرأة أن تُبْدِي رأيًا أو يكون لها شأنًا، فليس لها إلا أن تَتَعلَّم وغير مسموح لها أن تُعَلِّم، أو تشارك الرجل في الفكر لأنها نحمل خطيئة الغواية ، والتعدي على أوامر الرب، وعدم الالتزام بها.
نجد ذلك واضحًا في رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس ” لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ.12 وَلكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ،13 لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلًا ثُمَّ حَوَّاءُ،14 وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي.15 وَلكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.” الأصحاح 2 :11-15
كما سادت نظرة دونية للمرأة عند كبار الفلاسفة أمثال سقراط وأرسطو وأفلاطون فتبنوا مواقف سلبية وربما أحيانًا عدائية للمرأة ,
نتعرف على ذلك في المقال القادم إن شاء الله