رغم المحاولات المستميتة من بعض التيارات المغرضة بالدفع تجاه تحجيم التعليم الازهرى والذى وصل إلى حد المطالبة بإلغائه تماماً.. إلا أنه لم يكن أحد يتصور أنه سيأتى اليوم الذى نرى فيه هذا الاقبال الشديد من أولياء الأمور بإلحاق أبنائهم بالأزهر الشريف بمرحلة رياض الاطفال والتعليم الابتدائي.
وبالرجوع إلى الوراء قليلاً.. وفى عام 16/2017 كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عن انخفاض ملحوظ بأعداد الطلاب الملتحقين بالدراسة فى الازهر فى مرحلة التعليم ما قبل الجامعى مقارنة بأعداد الطلاب بالتعليم العام، إذ بلغ اجمالى المقيدين بالتعليم الثانوى 2.3 مليون طالب منهم 1.64 مليون بالتعليم العام، و391 الفا بالتعليم الازهري.. وكشفت الأرقام الصادرة عن قطاع المعاهد الازهرية آنذاك عن ارتفاع نسبة التحويل من الطلاب من الازهر إلى العام وارجع الخبراء أن حالة العزوف وهجر التعليم الازهرى يرجع إلى انخفاض نسبة النجاح وقلة أعداد المعاهد وخفض ميزانيتها وانخفاض فى جودة التعليم وغيرها وامام هذا التدنى الملحوظ والهروب الكبير فى الأعوام الماضية كان الازهر شيخاً وعلماء وخبراء ماض فى طريقه، وفى خطوات جادة لاصلاح المنظومة.. وكانت خطوات الاصلاح سباقة فى تعلم الدرس فأصلحت المناهج بما يتناسب وسوق العمل وفقاً لأحدث الأساليب العلمية والتربوية، مع الحفاظ على هوية وتراث الازهر وتميزه ووسطيته.. وبدأ الازهر خطته الطموحة للتطوير بدءا من إنشاء مجلس أعلى للتعليم الازهرى للعمل على تطوير المناهج وتحديثها بشكل دائم، واقرار شروط الالتحاق والقبول بالمعاهد والارتقاء بجودة التعليم وتطوير المعاهد بأحدث الأساليب والقضاء على ظاهرة الغش وتسريب الامتحانات واستخدام مناهج تعليمية الكترونية ومرئية لشرح المقررات الدراسية فى الفقه وأصول الدين واللغة العربية والتجويد للمرحلتين الاعدادية والثانوية ونشرها الكترونيا.. هذا كله بالاضافة إلى تخفيف المناهج من الحشو واضافة المستجدات إليها لتساير التطورات والقضايا الراهنة.
كل هذا وغيره ساعد إلى حد كبير لاعطاء دفعة قوية للنهوض بالتعليم الازهرى خاصة مع القرارات الهامة التى ساهمت فى تعزيز الثقة فى الازهر وعلمائه وجدية القائمين عليه.. وان الازهر كان ومازال وسيظل هو الرافد الاكبر للعالم والعلماء فى شتى انحاء الدنيا ولو رجعنا للوراء قليلاً سنجد ان الازهر الشريف كان الاساس الذى قامت عليه نهضة التعليم فى مصر فرائد النهضة المصرية الحديثة رفاعة الطهطاوى هو ابن الازهر، وعندما تم تأسيس مدرسة الطب عام 1827 فى عهد محمد على باشا تلبية لرغبة واقتراح الدكتور كلوت بك لتخريج الاطباء، لم يكن امام الحكومة آنذاك سوى طلاب الازهر للالتحاق بالمدرسة وتم اختيار 100 طالب لدراسة الطب لانهم الاقدر حينها على استيعاب دراسته، وتعلموا وقتها علوم الطب على ايدى امهر الاساتذة من الدول الاوروبية.. وبعد خمس سنوات تخرجت الدفعة الاولى من طلاب الازهر.. وهكذا كان الازهر رافدا مهماً من روافد النهضة التعليمية.
لذلك فنحن نكرر دائماً ان الازهر باق برجاله وعلمائه مهما حاول المغرضون اطفاء شمعته المتقدة، قد تنطفئ قليلاً لكنها سرعان ما تشتعل ذاتياً ويعم نوره ارجاء الدنيا.. فمن كان يتصور هذه الطفرة الرهيبة التى حدثت فى المناهج والمعايير النموذجية التى وضعت، الامر الذى أدى إلى اقبال أولياء الأمور بإلحاق ابنائهم فى مرحلة رياض الاطفال والتحويل من المدارس العامة إلى المعاهد الدينية بينما لوحظ ندرة فى المحولين إلى التربية والتعليم من الأزهر وان اكثر من 300 ألف طالب تقدموا هذا العام فى رياض الاطفال والابتدائى الأزهري، بينما وصل من حولوا من مدارس التربية والتعليم إلى الأزهر حوالى 35 الف طالب تقريباً.
هذه الطفرة وهذا الاقبال الشديد الذى نراه الآن على التعليم الازهرى يضع الأزهر الشريف فى تحد واضح للنهوض بالعملية التعليمية ومواصلة التطوير للحاق بركب التقدم والازدهار والعودة إلى ما كان عليه.>>>