د. محمد الضويني: الإقبال الكبير بسبب التطوير بالمنظومة التعليمية
د. عباس شومان: بدأنا خطة طموحة لتطوير التعليم الأزهري
د. سلامة داوود: قبول الجميع فتح المجال للشهادة الإعدادية
تحقيق -إيهاب نافع:
حالة من النشوة تعيشها المعاهد الأزهرية في مصر بعد عدة سنوات عجاف، من حيث حجم الإقبال على الدراسة فيها وتطويرها، فبعدما عاشت المعاهد تراجع نسبي في الإقبال على الدراسة فيها، وصل إلى حد انخفاض عدد الطلاب والطالبات في بعض الفصول الدراسية إلى 17 طالب وأحيانا أقل بينما يصل متوسط الكثافة في التعليم العام ما بين 45 الى 50 طالب، فضلا عن حديث البعض عن ضم بعض المعاهد دراسيا لمعاهد أخرى وتعطيل الدراسة ببعضها، وهو الأمر الذي تحول هذا العام رأسا على عقب، إذ أعلنت حالة الطوارئ القصوى في المعاهد الأزهرية بتعليمات من فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، إذ تقدم الطلاب أفواجا إلى الأزهر هروبا من التعليم العام، كما هو نفس الحال بالنسبة للتلاميذ المتقدمين لرياض الأطفال والمرحلة الإبتدائية، كم أعلن الأزهر ولأول مرة قبوله طلبات التحويل للحاصلين على الشهادة الإعدادية، نزولا على رغبة أولياء الأمور.. الأمر الذي مثل ظاهرة حقيقية تستحق التوقف أمامها بتأمل وأناة حتى نقف على أسبابها الفعلية.
بداية، شهدت السنوات الثلاثة الأخيرة حالة زيادة مضطردة في التحويل من التعليم العام إلى التعليم الأزهري في مستوياته المختلفة حكومي وحكومي لغات وخاص عربي ولغات، ففي عام 2019 تقدم نحو 21 ألفا للتحويل من المعاهد للمدارس مقابل 14 ألفا في الاتجاه المقابل من المدارس الى المعاهد الأزهرية، وفي 2020 حول من الأزهر للتعليم العام 20 ألفا مقابل 22 ألفا من التعليم للأزهر، وفي 2021 حول من المعاهد للتعليم 16 الفا مقابل 73 ألفا من التعليم العام للأزهر، وذلك بالإضاف لتقديم نحو 230 ألفا في رياض الأطفال والصف الأول الإبتدائي ليصل إجمالي من تقدموا للتعليم الأزهري هذا العام نحو 300 ألف طالب وطالبة في رياض الأطفال والأول الإبتدائي، والمرحلتين الإبتدائية والإعدادية.
أزمة سابقة
وقد شهدت السنوات الماضية، تراجع عدد الطلاب بالأزهر، وخاصة ما قبل 2016؛ حيث سحب أكثر من 87 ألفا من طلاب المعاهد الأزهرية ملفاتهم منها؛ من أجل الالتحاق بمدارس التعليم العام، وفقا لتصريحات صحفية للشيخ جعفر عبدالله- رئيس قطاع المعاهد الأزهرية آنذاك- وانخفض طلاب التعليم الأزهري قبل الجامعي أكثر من 114 ألف طالب 2016؛ ليصل عدد طلاب المعاهد الأزهرية إلى مليون و816 ألفًا و689 تلميذا، مقابل مليون و931 ألفًا و21 تلميذا في 2015، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
طوارئ أزهرية
من جهتها وفي ترجمة لتلك الأرقام عقد قيادات قطاع المعاهد الأزهرية قبيل الدراسة، اجتماعات متتالية لوضع آليات قبول المتقدمين للتعليم الأزهرى هذا العام، ليصدر رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، د. سلامة داوود، عدة قرارات كان من بينها قبول كل المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال والابتدائية فى الأزهر، والتنبيه على كافة مديرى الإدارات التعليمية والمعاهد الأزهرية، بقبول جميع الطلاب المتقدمين فى مراحل رياض الأطفال والصف الأول الابتدائى، على أن يكون تنسيق القبول على النحو التالي الصف الأول رياض الأطفال من سن ٣ سنوات و٦ أشهر، والصف الثانى رياض الأطفال من سن ٤ سنوات و٦ أشهر، ويتم قبول التلميذ من سن خمس سنوات و٦ أشهر، في الصف الأول الإبتدائي الأزهري كافة المعاهد التابعة العادية والنموذجية.
فيما أصدر د. محمد الضوينى، وكيل الأزهر، قرارا بقبول الطلاب الحاصلين على الشهادة الإعدادية العامة “مدارس التربية والتعليم”، للدراسة بقطاع المعاهد، للمرة الأولى، وأكد الأزهر أن التلميذ الحاصل على الإعدادية العامة، حال قبوله بقطاع المعاهد، يلتحق بالشهادة الإعدادية لمدة عام، لاجتياز البرنامج التأهيلى المعتمد من في هذا الشأن، وبشروط قبول الطلاب الحاصلين على الشهادة الإعدادية شريطة الحصول على نسبة ٧٠٪ من المجموع الكلى لدرجات الشهادة الإعدادية العامة، وألا يقل مجموع التلميذ في مادة اللغة العربية عن ٧٠٪، وحصول التلميذ على الشهادة الإعدادية للعام الدراسي ٢٠٢٠/ ٢٠٢١م، واجتياز التلاميذ اختبار البرنامج التأهيلي المعتمد من الأزهر على أن يعقد لهم مع امتحان الشهادة الإعدادية بفصليها للعام الدراسى ٢٠٢١ / ٢٠٢٢م.
وأكد الأزهر، أنه بعد نجاح الطالب الحاصل على الشهادة الإعدادية فى البرنامج المعتمد، يعامل معاملة الحاصل على الإعدادية الأزهرية، ويلتحق بالصف الأول الثانوى فى العام الدراسي ٢٠٢٢\٢٠٢٣، وقبل هذا الإعلان بأيام، سحب 73 ألف طالب ملفاتهم من مدارس التربية والتعليم، وتقدموا بها للمعاهد الأزهرية، وفي المقابل انتقل 16 ألف طالب من التعليم الأزهري إلى المدارس العامة. حتى نهاية أغسطس الذي شهد غلق باب التحويل بين مراحل التعليم الأساسي بوزارة “التربية والتعليم” و”الأزهر”، بحسب بيانات مركز معلومات الأزهر.
قرارات جريئة
كما وضع الأزهر خطة العام الدراسى الجديد، من احتياجه لمدرسين جدد، وذلك بسبب زيادة أعداد الفصول، عن الأعوام السابقة، وقرار شيخ الأزهر بتحويل حجرة المدرسين لفصول دراسية، في حال زيادة عدد المتقدمين، وعدم اكتفاء الفصول الدراسية لهم، مما سيجعل قطاع المعاهد الأزهرية يزيد أعداد المدرسين لتغطية الزيادة فى أعداد المتقدمين حتى الآن.
من جهته أرجع وكيل الأزهر د. محمد الضويني، هذا الإقبال الكبير على التعليم الأزهري هذا العام بسبب التطوير الملحوظ بالمنظومة التعليمية بالأزهر، وأن وسطية الأزهر ورسالته السمحة جعلته يحظى بمكانة كبيرة في قلوب الشعب المصري.
فيما أشار رئيس قطاع المعاهد الأزهرية د. سلامة داوود إلى أن أكثر من 300 ألف طالب تقدموا للازهر هذا العام في رياض الأطفال والإبتدائي الأزهري، وأن الأزهر شهد طفرة على يد الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وعدد من المشايخ في منظومة الأزهر، وذلك من تطوير مناهجه، وأن هناك رغبة من أولياء الأمور للدراسة في الأزهر لما فيه من الفكر الوسطي المعتدل، موضحا أن الطالب في الأزهر يدرس نفس المواد التي يدرسها الطالب في وزارة التربية والتعليم، مؤكدًا أنه تعليم مصري بنسبة 100%، وأن هناك بروتوكول تعاون بين وزارة التربية والتعليم والأزهر يعمل على التحويل من الأزهر إلى التربية والتعليم والعكس بناء على رغبة ولي الأمر والطالب.
تطوير المناهج
أعتبر د. عباس شومان- وكيل الأزهر السابق- هذا الإقبال غير المسبوق خلال العقدين الأخيرين، يعود لأسباب عديدة، منها ما يتعلق بالمناهج التعليمية وأخرى لها علاقة بالانتشار والجغرافيا، معتبرا أن المناهج الدراسية الأزهرية، كانت عبئا على الطلاب؛ مقارنة بالمواد التي يدرسها أقرانهم بالتربية والتعليم، وكانت أحد أسباب عزوف الطلاب عن الدراسة بالأزهر، لذلك تم إخضاع هذه المناهج لعملية تطوير شاملة، خلال السنوات الخمس الماضية، حيث عكفت لجنة متخصصة على تطويرها وربطها بالواقع المعاصر، وهو ما تسبب في زيادة نسبة تحويلات الطلاب من مدارس التعليم الأساسي بالمدارس العامة إلى المعاهد الأزهرية خلال عامي 2020 و2021.
أضاف: بدأ الأزهر خطته الطموحة لتطوير التعليم الأزهري، بدءًا من إنشاء مجلس للتعليم الأزهري للعمل على تطوير المناهج التعليمية وتحديثها بشكل دائم، ودراسة احتياجات المناطق الأزهرية المادية والبشرية، وإقرار شروط الالتحاق والقبول بالمعاهد الأزهرية، كما تم توقيع بروتوكول تعاون مع وزارة التربية والتعليم لتطبيق منظومة التعليم الجديدة، والارتقاء بجودة التعليم، وتطوير المعاهد الأزهرية بأحدث الوسائل، والقضاء على ظاهرة الغش وتسريب الامتحانات.
برتوكول تعاون
نص البروتوكول بين الأزهر والتربية والتعليم على تدريب معلمي المرحلة التمهيدية والصف الأول الابتدائى على النظام التعليمى الجديد، وتوفير جهاز التابلت لطلاب الصف الأول الثانوى الأزهري، واستحداث مناهج تعليمية إلكترونية ومرئية لشرح المقررات الدراسية في الفقه وأصول الدين واللغة العربية والتجويد للمرحلة الإعدادية، ونشرها على بوابة الأزهر الإلكترونية تيسيرا على الطلاب، وجارى استكمال تسجيل مناهج المرحلة الثانوية ووضعها على اسطوانات مدمجة وتوزيعها مع الكتاب المدرسي مجانا.
وتطبيق منظومة الاختبارات الشفوية الإلكترونية لمادتي القرآن الكريم والحديث النبوي، ونشر نماذج استرشادية لامتحانات الصف الأول الثانوية على بوابة الأزهر، لتدريب الطلاب على نظام الامتحانات، كما تم إعداد نماذج امتحانية لنظام البوكليت، وتدشين منظومة طعون إلكترونية للتظلم من نتيجة الشهادة الثانوية الأزهرية، وذلك عبر موقع بوابة الأزهر على الإنترنت، بما وفر على الطلاب وذويهم عبء السفر إلى القاهرة.
كما تشمل الجهود تطبيق مشروع تحليل نتائج المتعلمين إحصائيا، لحصر نقاط القوة والضعف وتفعيل مفهوم التغذية المرتدة التي تسهم في تقويم عملية التعليم، وإنشاء لجنة لإصلاح التعليم الأزهري، تكون مهمتها تطوير المناهج وتخفيفها من الحشو، وإضافة المستجدات إليها، لتساير التطورات والقضايا الراهنة، وقد استحدثت هذه اللجنة عددا من المقررات الدراسية، تتسم باللغة السهلة والأسلوب البسيط، مع حذف الموضوعات التي لا تناسب العصر ومستجداته، وتعمل هذه اللجنة على مراجعة وتطوير المناهج الدراسية كل ثلاث سنوات، بما يضمن التطوير المتواصل للمناهج الدراسية، وتلبية احتياجات العصر، وخدمة رسالة الأزهر.
سن القبول
بالمقابل يرجع البعض حالة الإقبال الشديد وغير المسبوق على التعليم الأزهري لأسباب يأتي على رأسها حالة الارتباك الصعبة التي يعيشها أولياء الأمور في التعليم العام بسبب عملية التطوير التي يقودها الوزير د. طارق شوقي، مقابل تطوير هادئ في الأزهر، فضلا عن ارتفاع سن القبول، في التعليم العام، والميزانية الضخمة التي تنفق على الدروس الخصوصية مقابل ميزانية بسيطة للغاية، فضلا عن النزول بسن القبول في الأزهر لخمسة سنوات ونصف للأول الابتدائي الذي وصل بالمقابل في المدارس التجريبية لنحو 7 سنوات في التعليم التجريبي، فضلا عن انخفاض المصاريف الدراسية للتعليم الأزهري مقابل ارتفاع مصاريف التعليم العام، فضلا عن أن طالب الأزهر يضمن بنسبة 90% الحصول على مؤهل جامعي في تخصصات عامة علمية وأدبية وشرعية، مقابل حظوظ أقل للطالب في التعليم العام تتنوع أمامه خيارات التعليم الفني المتوسط وفوق المتوسط فضلا عن فرص أقل في التعليم العام في الحصول على مؤهل جامعي، مقارنة بالأزهر، ويبقى الدافع الأهم في نزعة المصريين الفطرية للتدين بالدفع بأبنائهم للأزهر لحفظ القرآن وتعلم أمور دينهم بشكل أساسي إلى جانب العملية التعليمية.