يبدو أن الانتحار صار موضة العصر لدى البعض! وقد احتفي بالحديث عنه ووصل إلى درجات الترندات التي ابتلينا بها في هذا الزمان العجيب، فسبحانه له في خلقه شؤن! فالطالب المجهول الذي كتب رسالة (صارت ترندا)، ويهدد بالانتحار في يوم معين (حدده) في إحدى كليات الطب وصار حديث الصفحات (لأنه رسب في مادة في الامتحان)، وبسبب ما كتب أخذ البعض في قذف الجامعات التي يدرس فيها من يحمل أعلى الدرجات العلمية في المجتمع، فهذا الطالب يبدو أنه لم يركع ركعة لله، ولم يصادق صديقا صالحا، ولم يعرف ما يسمى بالقضاء والقدر، ولم يوجهه أحد إلى قراءة قوله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدونا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا)، إن التعرف على تعاليم الدين ودراسته هو سفينة النجاة لأولادنا فلذات أكبادنا؛ لذا وصانا النبي الكريم أن نعلم أولادنا الصلاة لسبع، وأن نوجههم إلى تخير الصديق الوفي المخلص، وأن نزرع في قلوبهم: (احفظ الله يحفظك)، فلنسارع الآن، وليس الغد إلى تقرير، وبث مادة الثقافة الدينية في كل مراحل التعليم، ويكفي ما نراه الآن من كوارث، ومن فتن تحل بالجيل المعاصر، فالمسلم الذي يدرس مقولة: (إنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله)، ويتعلم عدم الاعتراض على القضاء، والقدر، ويوقن أن الإيمان به جزء من عقيدة المسلم: لا يمكن أن يقبل على جريمة الانتحار، أو مجرد التفكر في التخطيط لها. والذي يحاول الانتحار وقتل نفسه بسبب الرسوب في مادة هو شخص ضعيف مهزوز البنيان النفسي، وبعيد عن المعتقد الصحيح، ولو علم أن هذا الرسوب في مادة قد يكون غير فاهم لها، ومذاكرتها مرة أخرى، وإعادة امتحانها ليشتد عوده العلمي فيها هو خير له الآن قبل الغد؛ لأنه سيؤتمن على نفوس، وارواح وصحة آدميين، وهي حمل ثقيل، ومسئولية عظيمة لا يصح أن يستهان بعلم من يحملها، ولا يصح التهاون فيها، ولا تسلم لمن يستحقها، ولذا: فمن غير اللائق عتاب الجامعة على رسالتها، ومن غير اللائق التساهل أو التدليل لمن يكتب رسالة كهذه قد أتت من شخص مجهول ،ويغلو في التعاطف والبكاء والنحيب ولطم الخدود بل ينبه طلابنا: أن هناك العشرات من طلاب في الهندسة، الطب، العلوم، الحقوق، وبقية الكليات أعادوا السنة في مواد لا مادة، (وما ضعفوا وما استكانوا)؛ بل صبروا، ذاكروا، نجحوا وتفوقوا، تخرجوا، وهم الآن يقومون بمسؤلياتهم خير قيام، وتنتفع بهم البلاد والعباد وبقية الأوطان، فلا يأس مع الحياة، ولايصح أن ييأس المؤمن أبدا من روح الله، وهو القائل: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) فليتنا نتعظ ونعكس الأوضاع إلى ما هو خير؛ فنرى مستقبلا- إن شاء ربي- ترندات للتفوق بين شبابنا في كافة المجالات لا ترندات للضعف والهزيمة والانتحار. وليس هذا على شباب الأمة ببعيد.