د. سوسن حسانين: كيف نجمع بين الفجور وحسن الخلق فى آن واحد؟!
تحقيق: مروة غانم
أثار خبر الاعلان عن انتاج مسرحية تحمل اسم “المومس الفاضلة” استياء وغضبا شديدا على كافة المستويات سواء المتخصصين أو غير المتخصصين، فاسم المسرحية بشقيه كان صادما للجميع، فهو يشير الى متناقضين فى المعنى والمضمون، فلا يمكن الجمع بين الرذيلة والحض عليها والفضيلة والتى تعنى حسن الخلق فى جملة واحدة تماما! مثل القول بأن فلانا شخص صادق رغم انه حرامى فكيف هذا؟
كان د. عبدالمنعم فؤاد- استاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر والمشرف العام على الرواق الأزهرى- من أوائل المعارضين لاسم المسرحية حيث أعلن عبر صفحته الشخصية على الفيس بوك عن رفضه الشديد لهذا العنوان مؤكدا أنه يثير الاشمئزاز، لافتا الى أن الفضيلة لا تنسب الا لمن يستحقون هذا الوصف من العلماء وأهل القرآن واصحاب الحكمة والرشاد.
خادشة للحياء
وأشار د. فؤاد الى أن كلمة “مومس” تعد خادشة للحياء ولا ينبغى أن تذكر على مسامع أبنائنا وبناتنا كما هو حال القنوات الاعلامية اليوم التى تدخل كل بيت ويشاهدها الجميع .
ورفض المبرر الذى ساقه المروجون لهذا العمل المسرحى من أنه عمل قديم لفيلسوف كبير وشهير وهو جان بول سارتر، مشيرا الى أن “سارتر” فيلسوف فرنسى الاصل حقا كما أنه ذو شهرة كبيرة لكنه ليس من رسل رب العالمين فهو ملحد أسس الفلسفة الوجودية فى ألمانيا وهذه الفلسفة تنكر وجود خالق للكون، كما أنه يدعو للحرية فى كل شئ وأن يفعل الانسان كل ما يريد بلا ضابط خلقى ولا شرعى .
وطالب د. فؤاد أن نسمى الأمور بمسمياتها ونصفها بالوصف اللائق بها ولا نلبس الحق بالباطل ونلوث الأسماع والآذان بما لا يليق وترفضه الفطرة السوية، مشددا على ضرورة ايقاف هذا العبث بقيمنا واخلاقنا باسم الفن، موضحا أن مثل هذه الأعمال المبتذلة الفن الراقى برئ منها .
قمة التناقض
أما د. سوسن الهدهد- أستاذ علم اللغة بجامعتى الأزهر والإسلامية بباكستان- فلفتت الى وجود تناقض كبير بين معنى ومضمون كلمة “مومس” وكلمة “الفاضلة” فكلاهما يدعو لشئ يضاد الأخر ويختلف عنه ولا يمكن الجمع بينهما بأى حال من الأحوال، حيث قالت: وردت كلمة “المومس” فى المعاجم العربية بمعنى المرأة التى تلين لمن يريدها، وجمعها: المومسات والموامس والميامس وجاء فى لسان العرب: “أومس العنب أى لان للنضج، وامرأة مومس ومومسة أى فاجرة زانية تميل لمريدها، كما تسمى المومس” خريعا من التخرع اى اللين .
وأشارت الى ورود لفظ مومس بهذا المعنى فى بعض الاحاديث النبوية حيث روى أبو هريرة رضى الله عنه عن النبى: “كان رجل فى بنى اسرائيل يقال له جريج يصلى، فجاءته أمه فدعته, فأبى أن يجيبها، فقال: أجيبها أو أصلى؟! ثم أتته فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات, وكان جرير فى صومعته, وقالت إمرأة: لأفتتن جريجا، فتعرضت له، فكلمته فأبى، فأتت راعيا، فأمكنته من نفسها، فولدت غلاما، فقالت: هو من جريج! فأتوه وكسروا صومعته، فأنزلوه وسبّوه فتوضأ وصلى، ثم أتى الغلام، فقال: من أبوك يا غلام؟ فقال: الراعى، قالوا نبنى صومعتك من ذهب، قال: لا إلا من طين”، كما ورد عن النبى ما رواه أبو هريرة: “غفر لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركي يلهث، كاد يقتله العطش فنزعت خفها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء، فغفر لها بذلك” وهذا الحديث يوضح أن البغاء إثم بدلالة قوله صلى الله عليه وسلم “فغفر لها” وقد غفر الله ذنب هذه المرأة لشفقتها على الحيوان ورحمتها به وربما لأنها أخلصت النية لله فهيأ لها أسباب المغفرة. ومما سبق يتضح أن لفظ مومس يحمل معانى لا يمكن أن تحض من قريب أو بعيد على الفضيلة أو مكارم الأخلاق إنما تشير للفجور والزنا. لذا لا يتناسب بأى حال من الأحوال جمعها مع كلمة الفاضلة التى تحث على مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات، فالفضيلة هى الدرجة الرفيعة من حسن الخلق وهى بلا شك ضد النقص والنقيصة.