مع حلول شهر ديسمبر من كل عام ويوم الثامن عشر منه وهو اليوم العالمى للغة العربية بحسب قرار الأمم المتحدة رقم 319 احتفاء واعترافاً وتحدثاً بالعربية ضمن إحدى اللغات الرسمية الست بها.
ومع حلول هذا التاريخ تشهد المحافل العلمية والوسط الإعلامى أحاديث متكررة ومتزايدة عن العناية باللغة العربية.. وإذا كانت هذه الاحاديث مطلوبة وبشدة بل هو مطلب أكثر من مجرد الحديث ولكن اتخاذ إجراءات محددة وصارمة توفر العناية باللغة العربية والحماية لها فى مواجهة طوفان العولمة والتغريب والمحاولات المستمرة لتهميش اللغة العربية على حساب اللغات الأجنبية من ناحية ولحساب اللهجات العامية من ناحية أخرى.. هذه العناية وتلك الحماية مطلوبان وبشدة للعديد من الاسباب التى أراها جوهرية والتى تتصل بعضها بالعقيدة وبعضها بالشعور بالروابط الوطنية والقومية.
فمن ناحية العقيدة فإن اللغة العربية هى لغة القرآن الكريم وقد اختار الله سبحانه وتعالى ان ينزل هذا الكتاب الكريم بهذه اللغة التى هى لغة القرآن وفى ذات الوقت فإن الإسلام هو رسالة عالمية لكل الشعوب والقبائل ومن ثم يجب الحفاظ على هذه اللغة ونشرها كجزء أساسى من نشر رسالة الإسلام لذلك نرى انه مهما اختلفت اللغات والتى ترجمت إليها معانى القرآن وتفسيراته فإن آيات القران لا تقرأ إلا باللغة العربية سواء أكان قراؤها مسلمين أم من غيرهم وكذلك الاشارة أو الاستشهاد بالقرآن يكون باللفظ بالنص وليس بالمعنى.
إذا كان الأمر كذلك كانت هذه هى أهمية اللغة لارتباطها بالعقيدة كان من الضرورى الاهتمام بها والحفاظ عليها ومن حيث الرابطة الوطنية بأن فى داخل الوطن الواحد ومع تعدد اللهجات واللكنات تبقى العربية الفصحى هى الرابطة الأساسية التى تتجاوز اختلاف هذه اللهجات وتوحد فكر ومشاعر والتعبير عن كل أبناء الوطن، كذلك فإن التمسك بالفصحى على مستوى البلاد العربية يتجاوز المشاعر والتحيزات المحلية وتبقى الفصحى هى الأساس.
أيضاً الأمة العربية والإسلامية مستهدفة لعملية تغريب منظمة مستمرة وشرسة وقد زادت فى الفترة الأخيرة فى ظل مفهوم العولمة فى مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة فأصبح الحفاظ على اللغة العربية هو حفاظ على مفهوم أساسى من مقومات هوية الأمة العربية التى هى المركز والنواة للأمة الإسلامية وأن التهاون فى التمسك بهذه اللغة أو الدفاع عنها هو تهاون فى الحفاظ على الهوية الوطنية والقومية وتخلى عن الخصوصية الثقافية والاستسلام للغزو الثقافى الاجنبى.
وإذا كانت اللغة العربية من اللغات الحية المعترف بها عالمياً فإن المثير للدهشة ان تعترف المنظمات الدولية باللغة العربية وتحرص دول إسلامية عديدة على أن تكون اللغة العربية احدى لغات التداول أو التعليم فيها بينما يحذف بلادنا أصواتاً عديدة تهاجم الفصحى وتدعو للعامية كذلك من العجيب حقاً أن تحرص كل بلاد العالم والتى تعتز بشخصيتها ومقوماتها الوطنية على نقل كافة العلوم إلى لغاتها الوطنية بينما نجد تقصيراً شديداً فى ذلك من جامعاتنا.. والأدهى من ذلك شيوع الأسماء الأجنبية على واجهات محلاتنا التجارية وشركاتنا الخاصة والعامة.. والعجيب ان أبناءنا ينظرون بضيق شديد للغة العربية ويتعاملون معها كأنها هم ثقيل وشر لابد منه كمادة دراسية.
لذلك لأن من إعادة النظر فى مناهج وأساليب تعليم العربية سواء فى الأزهر أو التعليم العام ولابد أن يقوم الاعلام بدوره فى هذا المجال.
وختاماً:
قال تعالى: «إِنَّآ أَنزَلْنَٰهُ قُرْءَٰنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»
صدق الله العظيم سورة يوسف آية «2»