علم التفسير ليس قاصرا على الذكور.. وعائشة عبدالرحمن أشهر المفسرات
حوار- مروة غانم
طالبت د. ثناء الشيخ- رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، بالزقازيق- بسرعة تحقيق كتب التراث لتنقيتها مما تحتويه من الروايات الاسرائيلية المغلوطة والأحاديث الموضوعة والدخيلة التي تحتوي غالبيتها عليها، على أن تتاح للباحثين والمتخصصين وغيرهم بالمكتبات بعد تحقيقها، مشيرة الى أن كبار المفسرين أتوا بهذه الإسرائليات للإستشهاد وليس للاستدلال.
واستنكرت اعتبار البعض أن علم التفسير مقصور على الذكور دون النساء، مؤكدة انه يوجد علم ذكورى وآخر نسائى، مستشهدة في ذلك ببعض النساء ممن برعن في تفسير القرآن مثل د. عائشة عبدالرحمن، د .عفاف النجار، د. زينب الخولى، د. صباح طنطاوى وغيرهن.
وفيما يلي نص الحوار :
البعض يقول أن علم التفسير ذكورى لا بصمات للمرأة فيه، فما ردك؟
** لا أتفق مع من يقول بهذا الرأى، فلا يوجد ما يسمى بعلم ذكورى وآخر نسائى سواء فى العلم الشرعى أو العلوم الأخرى، فكافة العلوم متاحة للمرأة تنهل من أى فرع منها متى شاءت طالما أنها مؤهلة لذلك، وقد شاء الله أن أنتسب لجامعة الازهر وأدرس علم التفسير وأتلقى هذا العلم على أيدى سيدات ورجال، فالتفسير ليس ذكوريا، وهناك سيدات كثيرات متواجدات فى هذا القسم ولهن باع طويل فى مجال التفسير، كما أن المرأة مأمورة بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مثل الرجل تماما، لا فرق بينهما، انطلاقا من قوله تعالى: “والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر”، وليست كل امرأة تصلح للتصدى لتفسير القرآن لكن المتخصصة تخصصا دقيقا هى فقط من تصلح.
إذا ما هى الشروط التى يجب أن تتوافر فى من يتصدى لتفسير القرآن سواء كان رجلا أم امرأة؟
– بالطبع هناك شروط لابد أن تتواجد فيمن يتصدى لتفسير كتاب الله، أولها وأهمها: أن يجيد قراءة القرآن قراءة صحيحة، ويعرف جيدا قواعد الوقف والابتداء، كما يجب أن يكون على دراية تامة بعلم اللغة وعلم العقيدة، الإلمام بعلم الحديث، هذه الشروط تضم الرجال والنساء على حد سواء، أضف الى ذلك أهمية معرفة المفسر بأسباب النزول ومكان نزول كل آية ومناسبة نزولها.
لكن ماذا تقولين عمن يخرج علينا من أنصاف المتعلمين وغير المتخصصين بتفسيرات غريبة لآيات القرآن؟
– هؤلاء ينطبق عليهم قول النبى: “من كذب عليَّ متعمّدا فليتبوأ مقعده من النار”، فأبو بكر الصديق، رغم مكانته، سأله أحد الصحابة ذات يوم على تفسير آية فبكى وقال: “أى سماء تظلنى وأى أرض تبلعنى اذا تحدثت عن كلمة لم يبلِّغنى بها رسول الله، ولم أسمعها منه؟!”
فمن يفسّر القرآن دون علم ودراسة يرتكب جرما كبيرا وذنبا عظيما فى حق نفسه وفى حق كتاب الله .
مصادر التفسير
هل يمكن أن تطلعينا على المصادر التى يعتمد عليها المفسر عند تفسيره لآيات القرآن؟
– أولا وقبل كل شئ لابد من التأكيد على أن القرآن يفسِّر بعضه بعضا، فعندما قال تعالى: “فتلقَّى آدم من ربّه كلمات فتاب عليه” جاء بعد ذلك فى سورة الأعراف ووضح ما هى هذه الكلمات فقال: “قال ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين”، وكذلك قوله “صراط الذين أنعمت عليهم” فقد وضّح هؤلاء الذين أنعم عليهم فى سورة أخرى وهى سورة النساء حيث قال: “أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا”، كما أن السنة النبوية تعد من أهم مصادر تفسير القرآن.
أشهر المفسرات
هل يمكن أن تلقين الضوء على أشهر مفسرات القرآن؟
– تعد د. عائشة عبدالرحمن- رحمها الله- من أشهر مفسرات القرآن فى مصر، كما تعد د. عفاف النجار- متعها الله بالصحة والعافية- من الأزهريات اللاتى سطع نجمهن فى سماء تفسير القرآن، د. زينب الخولى، د. صباح طنطاوى وغيرهن كثيرات .
وما هى إسهامات هؤلاء فى مجال التفسير؟
– لكل واحدة من هؤلاء مؤلفاتها الخاصة بها فى تفسير سور وآيات القرآن التى تزخر بها المكتبة الاسلامية، لكن لا أحد يشعر بهن لأنه لا توجه دعوة لنا لتعريف الناس بالتفاسير المبسطة لآيات القرآن, فأنا بفضل الله لى أكثر من 25 كتابا فى التفسير ما بين تفسير موضوعي وتحليلى، حيث قمت باختيار موضوعات معينة وتفسيرها كما وردت فى القرآن مثل قضية الظلم، وضع ومكانة المرأة فى القرآن، ولى مؤلفات اخرى فى مجال التفسير التحليلى والذى يعنى تفسير الآيات من حيث سبب نزولها وعلاقتها بالسابقة لها والتى تليها.
هناك من يدعى أن القرآن يناقض بعضه بعضا، بما تردين على ذلك؟
– هذا إفتراء وكذب وطعن فى كتاب الله ولا يدعيه إلا كاره أو حاقد، فعلى سبيل المثال قوله تعالى “ذلك الكتاب لا ريب فيه” نجد الحاقدين والمنافقين يقولون أن الله مرة يقول لا ريب فيه ومرة أخرى يقول “وإن كنتم فى ريب” ويدعون أن القرآن بذلك فيه تناقض، وهذا غير صحيح على الاطلاق، وحديثهم نابع من جهلهم، فلا ريب فيه تعنى لا إختلاف فيه ولا تناقض فى آياته ولا تبديل ولا تغيير، أما الثانية “وإن كنتم فى ريب” فهى تخص المشركين الذين ينكرون القرآن ويكذبون النبى، ففهم أسباب النزول من أهم أدوات فهم كل آية ومن ثمة تفسيرها تفسيرا صحيحا .
كيف ترين من يطلقون على أنفسهم بالقرآنيين؟
– أود أن أسال هؤلاء القرآنيين عن طريقة صلاتهم، كيف يؤدونها؟ وقد ورد ذكرها فى القرآن؟ هل يصلون كما كان يصلى النبى فقد عرفنا طريقتها وكيفيتها من رسول الله، فالنبى قال: “صلّوا كما رأيتمونى أصلّى”، كما أود معرفة إن كانوا يذهبون لأداء فريضة الحج أم لا؟ فكيف يؤدون المناسك وقد وضّحها لنا النبى فقال: “خذوا عنّى مناسككم”، وكيف يخرجون زكاة أموالهم ومقاديرها وقد عرفناها ممن لا ينطق عن الهوى؟ كما أسالهم: من بلّغهم القرآن؟ هل قام الله بتليغهم أم أنهم تلقّوه عن رسول الله؟! وأطلب منهم أن يراجعوا أنفسهم ويعودوا لرشدهم .
خارج من الملة
وكيف ترين مطالبتهم بالاكتفاء بالقرآن؟
– حاشا لله أن ننحّى سنة رسول الله جانبا، فهى المفسّرة للقرآن والموضّحة لآياته والمبينة لتعاليمه، وهى النور الذى نستنير به فى ظلمات الحياة، وهى المنجية من المهالك، فنحن ندافع عن السنة ضد كل من يطعن فيها ونقف بالمرصاد لكل من تسوِّل له نفسه فصلها عن القرآن، فالسنة والقرآن لا ينفكان أبدا، فمن يطالب بفصل القرآن عن السنة يعتبر خارجا من الملة .
وكيف ترين تفسير أعضاء الجماعات المتطرفة لآيات الجهاد والقصاص فى القرآن؟
– أولا هذه الجماعات لا علم لها ولا أخلاق ولا دين، وتفسيراتهم لآيات الجهاد تتم حسب هواهم، فالاسلام رحمة للعالمين وهم بلا رحمة بل يتّسمون بالغلظة والعنف والتحريض طوال الوقت على العنف واستباحة دماء الناس بالباطل وهؤلاء الاسلام منهم برئ .
فخ الاسرائيليات
للأسف الشديد وقع بعض كبار المفسرين فى فخ الاسرائيليات، فهل من سبيل لتنقية هذه الكتب مما بها من إسرائيليات وروايات مغلوطة؟