فتحي الدويدي
كشف الدكتور إبراهيم عبد المنعم سلامة أبو العلا أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ورئيس قسم الآثار بكلية الآداب جامعة الإسكندرية العلاقة القوية بين شيوخ وعلماء مدينة الاسكندرية بمصر وعلماء الاندلس خلال القرن السادس الهجري.
مشيرا إلى أن عدد من علماء الاندلس المشهورين تتلمذوا على يد العلماء المصريين خلال هذه الحقبة من الزمن .
وأشار الدكتور سلامة خلال محاضرته في ختام الموسم الثقافي لاتحاد المؤرخين العرب 2021 التي تحدث فيها عن سيرة العالم أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم السلفي الأصبهاني نَزِيْل الإسكندرية (ت576هـ/1180م) الذي هو شيخًا بالإِجَازة للامام الحافظ أبو بكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة اللمتوني الإشبيلي العَالِم الأندلسي الشهير .
وأوضح الدكتور سلامة أن السلقي كان قد قدم إلى مصر ٥١١ هجرية / ١١١٧ ميلادية واستوطن مدينة الاسكندرية وصارت له بها وجاهة .. وبنى له الوزير ابن السلار الفاطمي الملقب بالعادل مدرسة عرفت بالعادلية ووقف عليها وقفا .. وكان السلفي يدرس بها الفقه الشافعي ويروي الحديث.
واضاف أن الحافظ السّلَفِي الأصبهاني بلغ مكانة عالية في علوم الحديث؛ فقد صَنّفُ مصنفات قيمة، وروى عن شيوخه كتبًا كثيرة في ذلك المجال حتى صار بقية المُسنَدِين المعمرين وخاتمة المُحدّثين المُكثرين. وقد أدرك كثير من طلاب العلم الأندلسيين، وغيرهم من المغاربة والمشارقة، تلك المكانة العلمية السامقة، فحرصوا على الرحلة إليه بالإسكندرية، وتحلقوا حوله ونهلوا من فيض علمه.
وقد حرص أيضًا بعض العلماء الأندلسيين، وغيرهم، ممن لم تتيسر لهم الرحلة العلمية على مُكَاتبة الحافظ السّلَفِي بالإسكندرية قصد إجازته لهم في الحديث، والإِجَازة كما ذكر علماء الحديث واحدة من طرق تلقي الحديث؛ يجيز فيها الشيخ لتلميذه رواية مصنفاته، أو مروياته، أو كليهما. وكان الإمام الحافظ المقرئ المجود ابن خَيْر الإشبيلي الملقب بعَالِم الأندلس (ت575ه/1179م)، ممن كَاتب الحافظ السّلَفِي، فكتب إليه السّلَفِي من الإسكندرية إجازة بخط يده تجيزه رواية كتبه، ومروياته عن شيوخه، فبلغ عدد مرويات ابن خَيْر الإشبيلي بالإِجَازة عن شيخه الحافظ السّلَفِي قرابة ثلاثين مصنفًا ما بين كتب وأجزاء وفوائد حديثية، وبعض كتب الجرح والتعديل، والقراءات، وكتب تفاسير غريب القرآن، وكتب فقه اللغة العربية، والدواوين الشعرية، وكتب البرامج، ومعاجم تراجم الصحابة، وكتب الأسماء والكنى والأنساب. وقد احتفظ ابن خَيْر الإشبيلي بعناوين تلك الكتب والمرويات وسندها في فهرسته، وهو برنامج ضخم احتوى على أسماء شيوخه، وكان في غاية الاحتفال والإفادة لا يُعلم لأحد من طبقته مثله.
وكشف سلامة خلال محاضرته عن عن صفحة منسية من الصلات العلمية بين بلاد الأندلس والعلماء الوافدين على مصر والنازلين بالإسكندية إحدى مراكز الثقافة الإسلامية في القرن السادس الهجري