أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي (حفظه الله) عام 2022 عامًا للمجتمع المدني ، كما أعجبني ما قام شباب الخير لتنمية المجتمع بمدينة الشهداء ودورهم في نشر الصناعات اليدوية والحرف المهنية ، وهو ما يسمى في اللغة الإنجليزية (الهاند ميد) ، والعمل على تشجيع الأسر المنتجة سواء عبر شباب الخير أم ما تنتجه الأمهات في بيوتهن ، وهذا عمل شريف يرفع من شأن أصحابه ، يقول نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم): “ما أَكَلَ أَحَدٌ طعامًا قطُّ، خيراً من أن يأكلَ من عملِ يدِه، وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ (عليهِ السّلامُ) كان يأكلُ من عملِ يدِه” .
وهناك أنبياء ورسل (عليهم السلام )كانوا من أصحاب الصناعات اليدوية والحرف والمهن وهم القدوة لنا جميعًا ، ولم تشغلهم دعوتهم لأقوامهم عن إبداعهم في الإنتاج ، فكانوا جميعًا محبين لمهنتهم ، مخلصين في عملهم و يكسبون رزقهم بعرق جبينهم ، وكانوا يخافون الله ويتقونه في معاملة الناس لأبعد الحدود ، فلم يستغلوا أو أن يغالوا في الأسعار أو يحتكروها كما نشاهد الآن .
كما أن هذه الصناعات والحرف مهنة الأنبياء والمرسلين ، فقد كانوا فيها خير أنموذج للإجادة والإتقان ، فهذا سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) كان يعمل برعي الغنم وبعدها اتجه إلى العمل بالتجارة ، ونبي الله داود (عليه السلام) كان يعمل بصناعة يدوية وهي الحديد يقول سبحانه: “وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ” ، وكانت الصناعات الخشبية والنجارة مهنة لسيدنا نوح وزكريا (عليهما السلام) ، يقول تعالى في حق سيدنا نوح (عليه السلام) : “فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا” ، وصناعة خياطة الملابس كانت مهنة سيدنا إدريس (عليه السلام)، وصناعة الغزل والنسيج مهنة نبي الله إلياس ، وصناعة الصيد مهنة سيدنا عيسى (عليه السلام) ، وكان سيدنا صالح (عليه السلام) يربي الجمال ، ويبيع منتجات الألبان .
كما أشار القرآن الكريم إلى صناعة الملابس ، والأثاث ، والجلود ، فقال سبحانه: “وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ” .
وتكمن الأهمية الاقتصادية للصناعات اليدوية في إمكانية إيجاد فرص عمل وزيادة الدخل للأسر المنتجة ولمبدعي الهاند ميد كما أنه يعد وسيلة للاعتماد على النفس بدلا أن يكون مصيرك في أيدي أخرى ، والاستفادة من الخامات المحلية وحماية من الركود الاقتصادي .
وتستطيع ربة المنزل أو الفتاة أو الشاب ممارسة الحرفة في الأوقات التي تناسبها ، وفي الأماكن التي تختارها أو حتى في منزلها ، فتوازن بين بيتها وبين ومهنتها ، كما يعد أن أسلوب التدريب في الصناعات اليدوية غير مكلف لاعتمادها أساسًا على أسلوب التدريب المباشر أثناء العمل فضلا عن أنها تستخدم أدوات سهلة غير المعقدة مع سرعة انتشارها في مختلف المحافظات بما يؤدي إلى تحقيق التنمية المتوازنة بين الريف والحضر ، ونمو مجتمعات إنتاجية جديدة في المناطق النائية ، إضافة إلى المرونة في الإنتاج والقدرة على تقديم منتجات حسب طلب المستهلك .
وللحديث بقية