أكد الباحث محمد خيري الشبراوي المدرس المساعد بقسم الفقه المقارن في كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالشرقية توافق مهنة وكيل اللاعبين المحترفين مع الشرعية الإسلامية، وقدم الباحث مقارنة بين التزامات وكلاء اللاعبين في الشريعة الاسلامية والقانون الوضعي، مشيرا أنه يمكن تكييف عمل وكلاء اللاعبين على أنه عقد وكالة من نوع خاص يوصف بوكالة المصالح المشتركة حسبما ذهب إليه جانب من الفقه والقضاء.
وكان الباحث قد حصل على درجة العالمية ( الدكتوراه ) في كلية الشــريعة والقــانون بالقاهـرة تخصص الفقــه المقارن بتقدير مرتبة الشرف الأولى، عن رسالته العلمية حول الــتزامات وكلاء الـلاعبـين، في عقود الاحتراف الرياضية، دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي.
وتكونت لجنة الإشراف والمناقشة من الاستاذ عبد الحليم محمد منصور علي استاذ الفقة المقارن وعميد كلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف، والاستاذ الدكتور محمد علي عتمان الفقي استاذ القانون المدني المتفرغ بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة
والاستاذ الدكتور مصطفى أحمد عبد الجواد استاذ القانون المدني وعميد كلية الحقوق السابق بجامعة بني سويف، والاستاذ الدكتور عبدالغني عبدالفتاح غنيم أستاذ الفقه المقارن المتفرغ بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة.
وأشار الباحث في دراسته إلى إن مهمة وكيل اللاعبين، تفوق مهمة السمسار، من حيث إنها تشمل بالإضافة إلى الأعمال المادية، الأعمال القانونية على حد سواء، وبالرغم من هذا الاختلاف فليس هناك ما يمنع –وهو ما قد يحدث في العمل- من الجمع بين مهنة السمسرة ومهنة وكالة اللاعبين، فمن الممكن أن يكون السمسار وكيلًا للاعبين، فتكون له في نفس الوقت صفتان، والعبرة في تكييف العقد الذي يبرمه بالنشاط الغالب للوسيط..
وقال الباحث : جرى اصطلاح الفقه المدني على اطلاق اسم العقود المسماة على كل عقد خصه المشرع باسم معين، ونظم أحكامه بنصوص خاصة، كعقد البيع والإيجار، والوكالة، وليس منها هذا العقد، لافتا إلى أن الاتحاد الدولي، حصول وكيل اللاعبين على رخصة مسبقة، قبل ممارسته لنشاط وكيل لاعبين، وأن السمة البارزة في التصرفات الشكلية –ومنها وكالة اللاعبين-، كون الشكل ركن لازم لانعقادها، بحيث إنها إذا لم تبرم في الشكل المحدد قانونًا؛ تقع باطلة بطلانًا مطلقًا، ولا ينتج عنها أي أثر قانوني. ولكن هذا لا يعني أن الشكل يغني فيها عن الإرادة، بل يجب لقيامها، توفر الأمرين معًا، أي الرضا والشكلية.
وأضاف أن انتقال اللاعبين بين الأندية هي: عملية قانونية عقدية، وليست تنظيمية وإدارية فقط، كما يتميز عقد انتقال لاعب كرة القدم بقربه الشديد من عقد البيع، خصوصًا على مستوى التزامات الأطراف، فالنادي الأصلي في هذا العقد يوجد في مركز شبيه بمركز البائع في عقد البيع، والنادي الجديد يشبه مركز المشتري، إلا أن هذا لا يمنع من تمتع عقد انتقال اللاعبين بنوع من الخصوصية تظهر على مستوى التزامات أطرافه.
وأوضح أن وكيل اللاعبين لا يعمل متبرعًا، بل يتقدم للاختبار، ويدفع تأمينًا، ويحصل على رخصة، من أجل أن يحصل على المال من هذا العقد، فهو يخالف الوكالة الشرعية التي هي في الأصل تبرعية.
وأضاف أن وكالة اللاعبين عقد لازم، لا يستطيع أي من اللاعب أو وكيل اللاعبين فسخ العقد بدون رضا الآخر، أو الاتفاق بينهما، وإلا استحق المضرور التعويض.
وأكد الباحث أنه يجب على وكيل اللاعبين الالتزام، والتقيد التام بالنظام الأساسي واللوائح والتوجيهات والقرارات التي تصدر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم، وكذا الاتحادات القارية، والأهلية.
كما يجب التعويض عن الضرر الأدبي-فضلًا عن المعنوي- في الشريعة الإسلامية، بالمال الذي يُحكم به على من أوقع ضررًا على غيره، في نفس أو مال أو شرف، والتقدير في تعويض الشرف من باب التعزير، الذي وكلت الشريعة الإسلامية أمره إلى الحاكم، يقدره بالنظر إلى قيمة الضرر ومنزلة المجني عليه والعرف الجاري في مثله.
وقال أن الوسيط مُلزم باتباع قواعد السلوك الاحترافي؛ لأنها تتفق مع القواعد العامة في تنفيذ العقود، وتكفل حسن أداء الوسيط لعمله، وإضفاء الشفافية على تعاملاته. وفضلا عن ذلك، فإن التزام الوسيط بهذه القواعد يساعد على ضبط عمل الوسطاء، والقضاء على النزاعات قبل أن تنشأ، وفي حالة حدوث منازعة يمكن بسهولة الرجوع إلى الوثائق والسجلات، التي تم إعدادها سلفًا، مما يُسهل في عملية الإثبات، ويساعد على سرعة الفصل في النزاع.
وكشف أن وكالة اللاعبين من العقود التي لم ينظمها المشرع المصري بقواعد خاصة، ولم يخلع عليها اسمًا خاصًا، وإنما تركها للقواعد التي تنظم العقد بوجـه عـام، وإذا ما طبقنا هذه القواعد على عقود وكالة اللاعبين، لوجدناها من العقود التي يتفق فيها طرفي العقد على أداء كل منهما التزامًا معينًا، وقد خرجت تلك العقود من تنظيم المشرع؛ لتعدد الكيفية، والأثر المترتب عليها.
وأشار إلى أن استعمال اسم وكلاء اللاعبين يغلب على هذا العقد، والذي كان هذا بالأمس القريب اسمه، قبل أن يقرر الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» تغييره؛ ليحد من سلطات وكيل اللاعبين، ويخلع عليه اسم وسيط لاعبين، مشددا على ضرورة أن يلتزم الوكيل بحدود الوكالة، ومنها البحث عن أفضل العروض لللاعب، وتحدد الأفضلية بناءً على اتفاق بين اللاعب ووكيله، إما بعراقة النادي أو المقابل المالي، أو حسب الاتفاق.ويعتبر عمل وكلاء اللاعبين على أنه عقد وكالة من نوع خاص «وكالة المصالح المشتركة»، وهو ما ذهب إليه جانب من الفقه والقضاء في فرنسا، ويتميز هذا النوع من الوكالة، بعدم القدرة على إلغائها من جانب واحد، وفي حالة فسخ العقد، يجب على من طلب الفسخ تعويض الطرف الآخر، مالم تكن هناك أسباب قانونية تبرر هذا الفسخ ، وبالنظر في اللوائح العالمية لهذه اللعبة، والخاص منها بوكيل اللاعبين، نجد أن هذا العقد يجمع بين طياته كثيرًا من أحكام السمسرة، والإجارة، والوكالة، فهو ليس عقدًا واحدًا منها، ينتظمه تعريفًا وأركانًا وخصائصًا، ولكنه يجمع بين أحكامها جميعًا، فتارة يتفق وأحكام السمسرة، وتارة تحكمه أحكام الأجير المشترك، وإن كان يغلب عليه أحكام الوكالة، كما لا يمكن القطع بصفه شرعية لعقد وكالة اللاعبين؛ نظرًا لأن الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» يعمل على تطوير هذه المهنة، منذ أن أوجدها عام 1991 للقيام بدور همزة الوصل بين اللاعب والنادي، وليكون الممثل في التفاوض والتوثيق للعقود وحتى الآن، فما يلبس أن يغير ويبدل، قواعد هذه المهنة بما يخدم مصلحة النادي واللاعب واللعبة، وعلَّنا إن كيفناه شرعًا أو قانونًا على أنه عقد مسمى اليوم، تجده غدًا وقد تم تعديل أحكامه، وبنوده، وربما اسمه، الى عقد آخر، أو ربما عقدًا مدمجًا من عقدين أو أكثر.
وأكد أن وكالة اللاعبين تنتهي بانتهاء العمل أو المدة أو بما ينتهي به غيرها من العقود الازمة.
و انتهاء الوكالة ليس حقا مطلقًا للاعب أو وكيل اللاعبين دائمًا، يستعمله متى شاء، بمناسبة أو غير مناسبة، وإنما تقع عليه بعض القيود، يتعين عليه احترامها، ولقاضي الموضوع السلطة التقديرية في مراقبتها.
وفي ختام رسالته أوصى كشف الباحث أن المشرع الدولي المتمثل في الفيفا، والمشرع الوطني المتمثل في لوائح الاتحاد المصري لم تتناول هذه العقود بالتنظيم الذي يجعلنا نقول بأنها من العقود المسماة؛ لأن ما جاء فيها بعض النصوص التي تضع بعض القيود، أو تحدد شروطًا معينة للقيام بعملية انتقال اللاعبين، ولم تتناول عقود وكالة اللاعبين بنصوص كافية للقول بأنها أصبحت من العقود المسماة، داعيا أن يقوم الفقهاء المعاصرين بتجميع أحكام النظرية العامة للتصرفات، والوقائع المتشتتة في تعليل جزئيات الأحكام، والتطرق إليها قبل العقود المسماة؛ لأن صياغة الفقه الإسلامي لها، تقترب من النظرية الحديثة، في قيامها على أساس مصدر الالتزام.
كما دعا الباحث بأن يقوم الاتحاد المصري لكرة القدم، بإنشاء لائحة خاصة بوسطاء اللاعبين، وأن يجتنب فيها القصور الذي طال بعض اللوائح الأخرى.
كما طالب الباحث بأن تستبدل كلمة «عقوبات» التي نصت عليها لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، -ونقلتها عنه كل اللوائح العربية بنفس الترجمة-، إلى كلمة «جزاءات»؛ لأننا إذا أمعنا النظر في المخالفات التي قررتها اللائحة والآثار المترتبة عليها؛ لوجدنا أن مصطلح العقوبات محل نظر؛ لأن العقوبة تقتصر فقط على الفعل الذي يمثل جريمة في حين أن هناك أفعالًا، لا تمثل جريمة، وإنما تدخل ضمن نطاق المسئولية المدنية، كما أن هناك آثارًا تترتب على المخالفة تدخل في نطاق الجزاءات الإدارية، مثل: إيقاف الترخيص بشكل مؤقت، وسحب الرخصة، ولذا، نرى أن الأفضل هو استخدام مصطلح «الجزاءات» بدلًا من «العقوبات»؛ لأنه أعم وأشمل بحث يندرج تحته الأفعال التي تمثل جرائم، والتي تمثل أفعالًا ضارة ترتب المسئولية المدنية، وبالإضافة إلى الجزاءات الإدارية.
وأوصي الباحث بتفعيل دور «وكلاء اللاعبين»، في مصر بحيث لا يقتصر فقط على بيع لاعب أو شراء آخر، فإن دور وكلاء اللاعبين يتعدى ذلك، إلى إدارة شئون اللاعب، بل وقد يصل إلى إدارة أعماله.
وشدد الباحث بضرورة التزام اللاعب بالتصريح في بداية الموسم الرياضي عن اسم وسيطه الرياضي، أو عدم وجود وسيط، ومنعه من توقيع عقد جديد مع النادي، عن طريق وسيط له، قبل مرور ستة أشهر على الأقل، فهذا أمان مزدوج يمنع التغيير المبكر للوسيط؛ للحد من تضارب المصالح.
وأكد الباحث على أهمية توضيح نظام أجر وسيط اللاعبين، من خلال تحديد العقد الذي يتم الرجوع عليه لتحديد هذا الأجر، والذي يتوقف غالبًا على نوع الرياضة ومستوى اللعبة، وقيمة العقد.