تعيش مصر والمصريون هذه الأيام عددا من الأحداث والفعاليات المهمة جدا، سواء على الساحة الداخلية أو الخارجية، الدينية أو الثقافية والاجتماعية المختلفة، كان أبرزها الاحتفال بميلاد سيدنا المسيح عيسى بن مريم- عليهما السلام- هذا الاحتفال الذى التفَّ حوله الجميع- مسلمون ومسيحيون- لأننا شعب يؤمن بكل الأنبياء والرسل، بل لا يكتمل إيمان المسلم حتى يؤمن بكل الأنبياء، كما جاء فى سورة البقرة: 285 ” آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ولم يكن الاحتفال شيئا غريبا على طبع وحياة المصريين، لأننا اعتدنا على ذلك منذ عرفنا الحياة، ولم نكن نستغرب أو نستشعر فرقا بين جميع المصريين، إلا حينما ظلَّلت غيامات الجهل بعض أنصاف العقول أو فاقديها، وأرادوا سحب هذه الغيامات على بقية الشعب الأصحَّاء، لكنهم كانوا لأولئك الجهلاء الأجلاف بالمرصاد.
ووهب المولى عزَّ وجلَّ مصرنا العظيمة قائدا من “نَبْتِ” هذه الأرض الطيبة، جاء ليُرسِّخ قيم ومبادئ المواطنة الحقَّة والصادقة، فهو منذ تحمَّل أمانة ومسئولية القيادة يحرص على تقديم التهنئة بنفسه للأشقاء المسيحيين خلال إحيائهم قُدَّاس الميلاد فى الكاتدرائية الرئيسية بميدان العباسية، ومؤخَّرا فى كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، والتى تُعد أكبر كاتدرائية على مستوى الشرق وإفريقيا.
وقد تسابق المصريون- على اختلاف مستوياتهم وطبقاتهم- لتقديم التهنئة لقداسة البابا تواضروس الثانى- بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية- ولجميع الأخوة المسيحيين- على اختلاف طوائفهم ومِلَلِهِم- لأن ما يجمعنا هو المحبّة والإخاء والتسامح، وكلها قيم ومبادئ أمَرَتْنا بها الأديان السماوية، ولا يشذّ عنها سوى المنحرفين دينيا وعقليا وفكريا.
هذه “السبيكة” المصرية المصنوعة من النسيج الوطنى لكل أبناء المحروسة، هى التى وقفت حائط صد كـ”الصخر” وتحطّمت عليها كل مخططات ومساعى إيقاع الفرقة والتنازع بين المصريين على مختلف الأزمنة والعصور المتعاقبة، لتظل مصر دائما وأبدا فى وحدة وتماسك ورباط، وإلى يوم الدين- إن شاء الله- مصداقا لقول الصادق الأمين، صلى الله عليه وآله وسلم.
أما الحدث الثانى، والذى لا يقل أهمية، فهو انعقاد منتدى شباب العالم فى نسخته الرابعة، وقد انطلقت فعالياته أمس برعاية وحضور الرئيس عبدالفتاح السيسسى، بعد جلسات وورش عمل تحضيرية سبقته بأيام، بمشاركة شباب 196 دولة، لمناقشة قضايا الأمن والتنمية والإبداع، وفى مقال لاحق إن شاء الله نتحدث تفصيلا عما دار فى لقاءات وجلسات المنتدى.
وكل عام وجميع المصريين بكل خير، وفى رباط وأمن وأمان إلى يوم الدين، ومن عيد إلى أعياد واحتفالات كلها بهجة وسرور.
ولـ”تحيا مصر” دائما وأبدا فى عزَّةٍ ورفعةٍ، بسواعد وعقول أبنائها جميعا.