عندما نشر أحدهم فيديو للمدرسة التي ترقص، كانت ردود الأفعال شديدة واستنكر الجميع هذه الفعلة واعتبرها جريمة في حق نفسها وفي حق مكانة التعليم عامة والمعلم خاصة، وكذلك لم تقبل أسرتها وكان رد الفعل عنيفا وانفصل عنها زوجها وقد يترتب على ذلك أمور أخرى أسوأ بالنسبة لأطفالها،
وإذا تساءلنا لم كل هذا؟ هل مجرد رقصة تستحق كل هذا العقاب وكل هذه الثورة ؟
الجواب يأتينا عندما ننظر إلى مكانة من أتى منها الفعل ونظرة المجتمع لها فهي مدرسة وحاصلة على شهادة تقدير بالمثالية ولذلك كان هذا الفعل منها كبيرًا وغير مقبول وغير مبرر، وحاسبها المجتمع عليه حسابًا عسيرًا.
يجب ان نفهم ونعي جيدا أن المجتمعات الشرقية تضع كلُا منا في إطار خاص به، وتنظر له من خلال هذا الإطار، وهذا الإطار لا تخترعه المجتمعات وإنما هو إطار رباعي الأضلاع يتكون من الأسرة والعلم والعمل والبيئة، يعرفه المجتمع من خلاله، ويحكم عليه بألا يخرج على هذا الإطار، وهذا الأمر ليس بجديد بل نجد مثالًا له في القرآن الكريم في قصة السيدة مريم عليها السلام، عندما أتت إلى قومها بطفل تحمله وهي بلا زوج، فلم يقبل المجتمع منها ذلك بل استنكر منها هذا وذَكَّرَها بالبيئة التي خرجت منها وأسرتها التي نشأت فيها ” …..قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا* (28)”مريم فأسرة مريم أسرة مشهود لها بالصلاح والريادة للمجتمع في التمسك بالدين وتعليم الناس أمور دينهم فكيف يأتي ذلك منها وهي ابنة هؤلاء، ومن أهل العلم والتعليم الديني للمجتمع،
ومن هنا نفهم أن موقع المرء وبيئته واسرته وعلمه وعمله يشكلون نظرة المجتمع له وتقبلهم أو عدم تقبلهم للفعل الذي يصدر منه، ولكن هنا شيء آخر يجب أن ننتبه إليه وهو أننا لدينا تفرقة في ردود الأفعال حيال الرجل والمرأة في نفس الفعل فنكيل بمكيالين
ففي مجتمعنا إذا أتت المرأة بعمل سيء ، وفعل نفس الشيء الرجل فإن المجتمع لا يحاسب الرجل ولكن يحاسب ويعاقب المرأة، أو في أحسن الأحوال يعاتب الرجل ويعاقب المرأة.
ففي هذه الحادثة عندما رقصت المدرسة، رقص معها أربعة من المدرسين الرجال، ورغم ذلك فالانتقادات كانت للمرأة، والطلاق كان من نصيب المرأة، فلم تتفكك سوى أسرة المرأة، ولم تطلب زوجة من زوجات المدرسين الطلاق، وإنما طلقت المدرسة من زوجها، ولم يبحث أحد عمن صور هؤلاء ونشر بلا إذن. وهذه جريمة يعاقب عليها القانون، ورغم كل هذا فإن المدرسة وحدها التي حوسبت وعوقبت . فعلى كل امرأة أن تنتبه لمكانتها وقدرها وقيمتها ونظرة المجتمع لها ولتعلم أن المجتمع لا يفصل الشخص أبدا عن أسرته وبيئته ولا عن علمه وعمله ويطالبه دائما أن يكون نموذجا ممثلا لأسرته ولمجتمعه.