دعا المشاركون في المؤتمر الدولى الذي نظمته وحدة الوثائق والمخطوطات بالرابطة العربية الأفريقية إلى تحري الدقة والحذر والتأني في تحقيق المخطوطات لوجود البعض الذي تم تزويره لأغراض خاصة وقطع الطريق على كل ما يفكر في تزوير التاريخ بالطرق القانونية وفي المنابر العامة.
وكانت الرابطة قد عقدت مؤتمرها المخطوطات بالحرف العربي في إفريقيا ومساهمتها في الحفاظ على الهوية الإسلامية) عبر تقنية الزوم، بمشاركة عدد من المؤرخين والمهتمين والباحثين في المجال من مختلف الدول العربية والأفريقية.
قال الدكتور محمد المختار جي رئيس الرابطة العربية الإفريقية أن موضوع المخطوطات يكتسي أهمية كبرى وخاصة نظرا لكونه حافظا للتراث والهوية الإسلامية، والتي عمل الاستعمار على محوها بالتدمير والإحراق والنهب، لولا مناعة الثقافة الإسلامية ودور العلماء بأفريقيا في الحفاظ على ما أمكن حفظه.
وأضاف رئيس الرابطة أن المخطوطات كنز ثمين يجب المحافظة عليه والاهتمام به من قبل المنظمات العربية والإفريقية عبر تحديثها وعصرنتها ورقمنتها، متمنيا أن تصل توصيات المؤتمر للمنظمات والجامعات العربية والإفريقية لتحقيق القصد من تظافر الجهود للتحقيق والنشر.
واكد الدكتور “محمد جدة عبد الله” رئيس الرابطة العالمية لعلماء إفريقيا أن الاستعمار لما لم يستطع محو الهوية الإسلامية العربية الإفريقية عبر تدميره للتراث المخطوط ونهبه، لجأ إلى أساليب استعمارية أخرى للإبقاء على المنطقة في دائرة التخلف، داعيا إلى تضافر الجهود والتعاون بين المنظمات الإفريقية والعربية الرسمية والخاصة للعناية بالتراث المخطوط باعتباره عنوان الهوية الإسلامية المتمنعة عن الانطماس.
عرض الدكتور “محمد جاكايتي” المدير العام لمعهد أحمد بابا للدراسات العليا والبحوث الإسلامية بجمهورية مالي، السياقات التاريخية حول تأسيس المعهد، والدور الذي يقوم به في الحفاظ على المخطوط الإفريقي الإسلامي بعامة والمكتوب منه بالخط العربي بخاصة، وما يقوم به المعهد راهنا في ظل الظروف التي تعرفها جمهورية مالي، مشيرا إلى أن أبواب المعهد مفتوحة للتعاون مع جميع المنظمات والجامعات فيما يخص تحقيق أهدافه في الحفاظ على التراث المخطوط..
ومن جهته أكد الدكتور “أحمد عبد الدايم محمد حسين” رئيس وحدة الوثائق والمخطوطات التابعة للرابطة العربية الإفريقية ومقرر المؤتمر، أن المخطوطات شكلت عبر التاريخ صمام أمان للهوية وطريقة للتواصل بين المسلمين، ومفتاحا للتعليم ونشر الإسلام، ومن ثم فإنه بحاجة إلى مؤتمرات دورية للإحاطة به من كل جانب وبيان دوره المحوري والمركزي في بناء الشعوب والعلاقات،
وكان المؤتمر قد تضمن خمس محاور شملت: مخطوطات السودان الغربي المكتوبة بالحرف العربي، ومخطوطات السودان الأوسط، ومخطوطات السودان الشرقي وحوض النيل، والمخطوطات العربية في شرق إفريقيا، والمخطوطات المكتوبة بالخط المغربي السوداني، والمؤسسات المهتمة بالمخطوطات العربية والإسلامية في إفريقيا، والمخطوطات العربية مصدرا لتاريخ العرب والإسلام في إفريقيا، والمخطوطات العربية مصدرا لتاريخ إفريقيا جنوب الصحراء.
في ختام المؤتمر أوصي المشاركون بإنشاء مراكز للمخطوطات تابعة للرابطة العربية الأفريقية في كل البلدان العربية والأفريقية، وتأسيس قناة على اليوتيوب باسم المخطوطات العربية الأفريقية تحت مظلة الرابطة العربية الأفريقية واستضافة أساتذة أكفاء من الدول العربية والأفريقية.
إنشاء منصات إلكترونية واحدة منها في القرن الإفريقي ووسط إفريقيا وشمال إفريقيا وجنوب إفريقيا، وإقامة مؤتمر دولي سنوي في دولة مالي بالتنسيق مع الرابطة العربية الأفريقية، وتخصيص منح للطلاب في مجال المخطوطات مع منظمة الإيسسكو واليونسكو.
كما أوصي المشاركون أصاب بإنشاء مجلة باسم مجلة المخطوطات العربية الأفريقية، وإنشاء فرق بحث بإشراف الرابطة العربية الأفريقية وشركاءها ويوكل لها زيارة وفهرست الخزائن الموجودة بمنطقة تمبكتو ومثيلاتها، وتدعيم مكتبة تمبكتو وغيرها بفهارس إلكترونية وورقية للمخطوطات الأفريقية في شتى أنحاء العالم توضع تحت تصرف الباحثين .
كما دعا المؤتمر لترجمة الثراث العالمي للمخطوطات المكتوب باللغات الشرقية؛ كالفارسية والتركية والأردية والكردية والتي تمت بصلة أفريقيا وعلماءها ويصنف في مجاله، وتنظيم معرض سنوي للمخطوطات، وجمع المخطوطات في إفريقيا في مكتبة واحدة حتى يسهل على الباحثين والمهتمين الوصول إليها.
عمل دورة تدريبية في دراسة المخطوطات وكيفية تحقيق النصوص.
وأكد المشاركون على أهمية تكثيف الجهود من الحكومات والمراكز البحثية لإقناع أصحاب الخزائن بإخراج المخطوطات لإعادة نسخها وتحقيقها أو حتى تصويرها وعرضها إلكترونيا، وكذلك فهرست المخطوطات بمركز موحد بكل بلد والعمل وفق نسق موحد حتى لا يكون التحقيق عملية مكررة لذات المخطوط، وإهمال مخطوطات أخرى
وشدد المشاركون على المعاهد والمراكز العلمية تكوين المحققين جيدا لضمان تحقيق دقيق وناجع للمخطوطات، ووجوب الاهتمام بالمخطوطات العربية بدراستها وحفظها والمحافظة عليها لقيمتها الكبيرة كمصدر للمعلومات ولكونها إرث قومي مهم.
ودعا المؤتمر لتبني الرابطة العربية الإفريقية: تأسيس لجنة قانونية لاسترداد المخطوطات المنهوبة، وتأسيس مكتبة رقمية تضم كل هذه المخطوطات تكون متاحة لجميع الباحثين والمهتمين وطلاب العلم، وتدريب كوادر لتحقيق المخطوطات، وتنظيم مؤتمرات دورية لتوثيق المخطوطات الإفريقية العربية خاصة في التاريخ الوسيط.
كما أكد المؤتمر على ضرورة تقديم الدعم والمساعدة للباحثين والمتخصصين في مجال التراث المخطوط والتاريخ الإفريقي، لأجل فهرسة وتحقيق ونشر هذه المخطوطات، وتنظيمها في خزائن حفظ جيدة تحميها من الرطوبة وعوامل الزمن، وإنشاء مؤسسات ومراكز مخطوطات لتبادل التراث المخطوط، مابين الدول القارة الإفريقية لغرض تشجيع البحث العلمي ومواكبة تطوراته مثل (إتباع عملية الرقمنة)، علما أن التراث الإسلامي المخطوط هو تراث مشترك حيث تبرز الشواهد التاريخية عمق العلاقات التاريخية بين الشعوب الإفريقية والعالم الإسلامي بمشرقه ومغربه.
ودعا المؤتمر للتدخل الفعلي من الدول في حماية التراث والمخطوطات، وكتابات الرحالة، وتجهيز نسخة مصورة للباحثين لحماية النسخة الأصلية من التلف، وتكوين شبكة إلكترونية مربوطة بكافة مراكز المخطوطات فى كافة الدول العربية والإفريقية لسهولة التواصل والاطلاع وحماية التراث في نفس الوقت.