في إطار الاهتمام بقضايا التجديد التي تسهم في بناء دولة قوية وطنية ، وتفعيل دور البحث العلمي الجاد بما يتعلق بتجديد الخطاب الديني ناقش معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف رسالة ماجستير حول موضوع : “تنمية المهارات الشخصية للداعية المسلم في ضوء القرآن والسنة” اليوم السبت 22 يناير 2022م بالمعهد العالي للدراسات الإسلامية بالمهندسين ، للباحث/ محمد شحتوت محمد أحمد ، بمشاركة كل من : أ.د/ صلاح صادق صديق نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق وأستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة الأزهر مشرفًا ، وأ.د/ محمد قاسم المنسي أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة مناقشًا.
وفي كلمته وجه معالي أ.د / محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خالص الشكر والتقدير للأستاذ الدكتور/ محمود عبد الحميد حسين عميد المعهد واللجنة الموقرة والسادة الحضور معربًا عن سعادته البالغة لوجوده بهذا الصرح العظيم ، مؤكدًا أن المعهد العالي للدراسات الإسلامية يخطو خطوات جادة في مجال البحث العلمي من حيث اختيار الموضوعات وغيرها مما يفيد البحث العلمي ، مشيرًا إلى اهتمام وزارة الأوقاف برفع المستوى العلمي والمهاري للأئمة من خلال استكمال الدراسات العليا بمعهد الدراسات الإسلامية والجامعات المصرية المختلفة، وأن وزارة الأوقاف تذخر بعدد كبير من باحثي الماجستير والدكتوراه.
مؤكدًا على أهمية البحث العلمي وضرورة الجدية وبذل الجهد في تحصيل العلم ، وتطوير المنظومة البحثية ، حيث نهدف إلى إطلاق منظومة بحثية متكاملة في المجال الدعوي ، تفيد الأمة والدولة المصرية في مختلف المجالات ، مؤكدًا أن دور الداعية كالطبيب يحدد العلة ويصف الدواء ، فدوره هو النصح والإرشاد لا الهداية ولا الحساب ؛ لا في الدنيا ولا في الآخرة ، فالحساب الدنيوي مجاله القانون والأخروي أمره إلى الله وحده ، مبينًا أن أسلوب الخطابة يختلف عن أسلوب البحث العلمي في رسائل الماجستير والدكتوراه .
كما أشار معاليه إلى أن الداعية يجب أن ينمي مهاراته الشخصية من تعلم اللغات الأجنبية ، والتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي ، مؤكدًا أن إطلاق كلمة عالم على شخص لم يستوف مقومات العلم ولَم يمتلك أدواته شيء خطير ، ربما يصل إلى حد الجناية على العلم أو في حقه ، العالم عالم ، والفقيه فقيه ، والمؤرخ مؤرخ ، والواعظ واعظ ، والنسابة نسابة ، وقد ظهر على مدار تاريخنا الطويل طوائف من الوعاظ ، والوعاظ البكائين ، ومن القصاص ، والحكائين ، والمنشدين ، والقراء ، وقد ميز عصورهم أن ظل العالم عالما ، والفقيه فقيها ، والواعظ واعظا ، والقارئ قارئا ، والكاتب كاتبا ، والمنشد منشدا ، لم يتقمص أحد منهم شخصية غيره ولَم يحاول أن يغتصب دوره ، وعرف الناس قدر هذا وذاك ، وطلب كل منهم من يحب ، فمن أراد العلم لزم مجالس العلماء ، ومن استهواه الوعظ صار خلف الوعاظ ، ومن أطربه الإنشاد ارتاد حلقات المنشدين .
غير أن مقام الإفتاء ظل بعيد المنال مرفوع الراية ، له أهله ورجاله ، حتى ظهرت جماعات التطرّف والإرهاب فادعى أدعياؤها كل شيء ، بل حاولوا احتكار كل شيء ، يعملون على تشويه كل الرموز عدا رموز عصابتهم ، ويعملون على استقطاب ضعاف النفوس من جهة ، ويجندون عناصرهم من أشباه أو أشباح طلاب العلم من جهة أخرى ، محاولين تسويقهم على أنهم العلماء الربانيون أو الدعاة الجدد ، ولا أدري ما مفهوم الربانية عندهم ومن الذي أفردهم أو اختصهم بهذا الوصف ، كما لا أدري ما يعنون بوصفهم الدعاة الجدد ، أيعنون شكل ونوع الثياب واللباس والمظهر أم يعنون الخروج عن العربية إلى العامية ، أم يعنون شيئا آخر لا نعلمه ولا نعرفه من أسرار هذا الوصف ، وكأنه لغز .
غير أن الذي ينبغي أن ننبه إليه أمور ، من أهمها : ضرورة احترام الضوابط الشرعية والقانونية ، فلا يفتئت أحد على حق الدولة في تنظيم شئونها ومنها الشأن الديني وما يتصل به من ضوابط إقامة الجمع والدروس والندوات وما ينظمه القانون في ذلك منضبطا بضوابط الشرع ، ومنها ضرورة أن يكون المتحدث في الشأن الديني متخصصا وحاصلا على الدراسات الشرعية المتخصصة التي تؤهله للحديث في الشأن الديني وفِي ضوء ما ينظمه القانون أيضا ، ومنها ألا يكون المتحدث في الشأن الديني منتميا أو محسوبا أو متعاطفا مع أي من الجماعات المتطرفة أو المتشددة أو المتاجرة بدين الله (عز وجل) ، ومنها أن يكون المتحدث في الشأن الديني ملما بواقع العصر زمانا ومكانا وملما بأحوال الناس وواقع حياتهم وتحديات العصر ومستجداته ، مدركًا أن الفتوى قد تغيير بتغير الزمان والمكان والأحوال ، قادر على التفرقة بين الثابت المقدس والمتغير غير المقدس ، ملما بفقه المقاصد ، وفقه المآل ، وفقه الأولويات ، وفقه الموازنات، وطرائق الاستنباط والقياس ، وغير ذلك مما ينبغي للمتحدث في الشأن الديني الإلمام به ، ثم عليه قبل ذلك كله إخلاص النية لله (عز وجل) ، وعدم اتخاذ العلم وسيلة للمتاجرة بدين الله (عز وجل) وعدم توظيفه لصالح جماعة أو أية مصالح نفعية ، مع عدم إدراك الجميع للفروق الدقيقة بين مهمة الواعظ ومهمة العالم ومجالات الحكائين والبكائين .