اليوم الثلاثاء الموافق الخامس والعشرين من يناير، ذلك اليوم الذي جعل منه الشعب المصري العظيم يوماً خالداً فى تاريخه الطويل والمليئ بأيام العز والفخار، فمنذ سبعة عقود واجهت مجموعة صغيرة من أبناء هذا الشعب العظيم، الذين وضعوا أرواحهم فداء للوطن والمواطنين، قوة غاشمة من الاحتلال الإنجليزي، فى محافظة الإسماعيلية، عام 1952 راح ضحيتها خمسون شهيداً بطلاً، وثمانون جريحًا من رجال الشرطة المصرية علي يد الاحتلال الإنجليزي بعد أن رفضوا تسليم سلاحهم وإخلاء مبني المحافظة للاحتلال الإنجليزي. فصار ذلك اليوم عيدا للشرطة، فهو يعد تخليدًا لذكري موقعة الإسماعيلية.
وبعدها بستة عقود تقريباً، تم إقرار هذا اليوم لأول مرة بقرار من الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، رحمه الله، باعتباره إجازة رسمية للحكومة والقطاع العام، تقديرًا لجهود رجال الشرطة المصرية في حفظ الأمن والأمان واستقرار الوطن واعترافًا بتضحياتهم في سبيل ذلك وتم الإقرار به في فبراير 2009.
ولم يتوقف الشعب المصري العظيم عن سعيه الدؤوب لتجديد ذاته وضخ الدماء الجديدة في أوصاله، وتحريك الحياة السياسية التي أصابها الركود، حتى اختار عدد من المجموعات المصرية المعارضة هذا اليوم لبدء احتجاجات شعبية في 2011 تحولت إلى ثورة شعبية عارمة عمت أرجاء البلاد في 28 يناير، عرفت بثورة 25 يناير. وعلى إثرها تنحى الرئيس مبارك عن منصبه، وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة قيادة البلاد، ليبدأ المصريون طريقا جديدا نحو بناء الدولة المصرية الجديدة، على أسس من العدالة الاجتماعية والاقتصادية والدستورية، والحرية والكرامة الإنسانية.
وبعد أشهر وسنوات قليلة استطاع هذا الشعب العظيم من إعادة تجديد وتأهيل قدرات وإمكانات قوات الشرطة الباسلة، بدعم وتنسيق كامل مع قواته المسلحة، حتى يكونا الحصن المنيع، وحائط الصد الأول، عن مقدراته وثرواته، ضد أى تخريب أو مساس بحقوقه، وبناء مستقبله نحو غد أفضل لكل أبنائه الشرفاء، فشاهدنا صروح البنيان تعلو وترتفع، وحياة العمران تدب فى كافة أوصال وربوع الوطن، مظللة كل أبناء الوطن، بظلالها الوارفة.
ولذلك نجد الدولة فى هذا التاريخ حريصة على تكريم أبطالها من رجال الشرطة الساهرين على أمن الوطن والمدافعين عن مصر ضد مختلف التحديات وعلى رأسها الإرهاب الغاشم، الذي خطط له أعداء الوطن، وللأسف الشديد بالتواطؤ مع شرذمة قليلة من إخوتنا وأبناء جلدتنا، الذين يجهلون معنى الوطنية الحقة، أو الذين لم يتربوا على حب الوطن، خاصة إذا كان هذا الوطن هو مصر أم الدنيا، والتى ذكرت في جميع الأديان السماوية والكتب المقدسة، وتشرفت باحتوائها أنبياء الله ورسله وأوليائه الصالحين!
كما نجد الدولة المصرية الجديدة حريصة على تكريم عددٍ من أسر شهداء الشرطة والجيش، الذين استشهدوا أثناء أداء واجبهم الوطنى. ووضع إكليلٍ من الزهور على النصب التذكارى لشهداء الشرطة، مؤكدة أنها لم ولن تنس أبداً تضحياتهم بأعز وأغلى ما ملكوا، للذود والدفاع عن هذا الشعب العظيم والوطن الغالى.
وهكذا دائماً وأبداً تقدم مصر القوية، القدوة والنموذج الذي يجب أن يحتذى، ولتحيا مصرنا الحبيبة، بجميع أبنائها وبناتها الشرفاء، عالية هاماتها، خفاقة راياتها، عبر كل العصور والأزمنة.