ما زلنا نعاني من انتشار جرائم التحرش بالفتيات في الشوارع بصورة تشمئز منها النفوس، فالجميع شاهد الفيديو المتداول على وسائل التواصل الاجتماعي منذ أيام لشاب تحرش بفتاة محجبة واعتدى عليها بالقول والضرب في إحدى قرى الجيزة، في واقعة أثارت غضب الجميع نتيجة هذا الاعتداء الآثم الذي ينم عن افتقاد الأخلاق لدى البعض، والجرأة والاعتداء على حرية الآخرين.
بالتأكيد من يقوم بجريمة التحرش لا يتقي الله، ويفتقد الحس الديني والأخلاقي الذي أمرنا به ديننا الحنيف من حفظ أعراض وأموال وحياة الناس، والنهى عن التحرش بالفعل أو القول، أو ظلم الآخرين والعدوان عليهم، والقرآن الكريم ذكر أن من يفعل ذلك يكون آثما وظالما، حيث قال تعالى: “ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا”، سورة النساء الآية 30.
والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الاعتداء على الناس والتحرش بهم وإيذائهم بدنيا كالضرب، أو لفظياً كالسباب والإهانة والقذف والسخرية والتحقير، ووعد نبي الله من يفعل ذلك بالخسران العظيم الذي يلحق به يوم الحساب حيث يجد حسناته احتسبت لمن قام بإيذائهم، وأن خطاياهم قد احتسبت عليه، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شئ، فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه”.
وإذا أردنا أن نواجه جرائم التحرش، يجب أن نضع أيدنا على أسبابه، ومنها الابتعاد عن تعاليم الدين كما قلت من قبل، وهناك أزمة أخلاقية تضرب جنبات هذا المجتمع، فقد اندثرت الكثير من الأخلاقيات والقيم الفاضلة مع هذه الأجيال الجديدة، وسوء التربية وانعدام الرقابة الأسرية، وكذلك المؤسسة التعليمية التي قلَّ دورها في الجانب التربوي.
وهناك بعض القنوات الفضائية المُضللة التي تصور الحلال حراما والحرام حلالاً، بالإضافة إلى البطالة التي يعيشها الشباب من هؤلاء الذين لا يجدون عملاً، فصاروا يجلسون على المقاهي وفي الطرقات، ويعاكسون الفتيات ويتحرشون بهن، بالإضافة إلى التشدد في أمور وتكاليف الزواج والتي تعد من الأسباب الرئيسية لمرض التحرش.
وحتى نعالج التحرش يجب مراجعة المنظومة القيمية والأخلاقية لدى الكثير من الشباب، كما يجب التركيز على دور الأسرة في التربية ومراقبة الأبناء والفتيات، وغرس القيم الدينية في النشء ذكورا وإناثا، فهي العاصم من الوقوع في الزلل، أو الانسياق وراء الغرائز من دون تبصر أو تدبر.
كما يجب أيضاً تشديد وتغليظ العقوبة القانونية على من يقوم بهذه الجريمة غير الأخلاقية، حتى يرتدع كل من تسول نفسه للاعتداء على حرية الآخرين.