جلست مع بعض الأصدقاء الذين يستهويهم الأحاديث الفكرية ويتخيلون دائما رؤية المستقبل، دار الحوار حول القيم والمبادئ التي نبكي عليها اليوم، هل لها من عودة في أي وقت ما؟ أم سيظل التدني الأخلاقي علي ما إنتهت إليه أخلاق الناس الآن؟ الغالبية من الجلساء أجمعوا علي أن الإنهيار الأخلاقي ربما يستمر في جموحه الي حين، وربما يصعد مؤشر القيم والأخلاق مرة أخري، والأيام علي هذا وذاك، إلا أحد الأصدقاء الذي يقنعنا دائما أنه أعلمنا ببواطن الأمور ورؤية المستقبل وأنه يعلم ما لا نعلمه، هذا الرجل لم يترك لنا فرصة للكلام ولا حتى التخيل وأمسك بتلابيب الجلسة وصعقنا بقوله: خط الاخلاق لم يقف عن هبوطه بل سيهبط بصورة مزعجة، بمعنى ان الزمن القادم ستتدني فيه الأخلاق بصورة منحطة بما لا نستطيع تصور شكله! وان ما نصفه الآن انه اخلاق مذمومة سيكون في الايام المقبلة أُم الفضائل! وسوف يترحم من يكون منا علي قيد الحياة علي هذه الايام ونقول وقتها: فين أيام زمان! أيام الأخلاق والفضائل! أيام الناس الحلوة، الناس الطيبة، أيام العفة والطهارة؟!
نزل علينا هذا الكلام كالصاعقة بل خلق لدينا نوعا كبيرا من الإحباط، فتركنا لهذا الرجل حبل الكلام كي يفسر لنا هذا الأمر الصاعق، استأنف كلامه: مهلا، أنتم وغيركم لا همَّ لهم الا الحديث عن التدني الخلقي وتبني الإعلام والمسلسلات والأفلام قضايا البلطجة والتحرش بالمرأة، وهذا جميل ولكن كل هذه القضايا في المستقبل نطالب بتبنّيها لعفّتها وحملها للقيم، لأن ما سيقدم وقتها وبصورة واضحة مكثفة هو قضايا تبادل الأزواج، تبادل الأمهات والأخوات، بل الأبناء من البنات وربما من الذكور! ستجد من يصوِّر أمّه وهى عارية ليعرضها علي صديق! وستكون الأم المسكينة التي يبكيها المشهد هي التي تستضيف أصدقاء إبنها لكنهم ينفرون منها ويقبلون علي بنتها! وقتها نتعجب ونقول: شوفوا البنت غير المتربية! البنت العاقة تأخذ صديق أخيها لفراشها وتترك أمها! سيأتي اليوم الذي يدخل الزوج شقته فيجد زوجته تستقبل صديقه أو جاره في حجرة النوم بدل حجرة الصالون! وهي العادة وقتها! سيأتي اليوم حينما يموت الزوج تندلع المعركة بين أفراد الأسرة، لا علي ميراثه المادي بل علي ميراث أصدقائه ومعارفه! الأم لها كم من أصدقاء المرحوم! وكذلك الزوجة وكذلك البنت! والولد له ميراثه ايضا! سيأتي يوم تكون ورقة الزواج في مخيلة صنّاع الإعلام والفن، ورقة بالية صنعها الأجداد للاستعباد وهدم متعة العباد! وعلي فكرة أمثالكم يبدوا أنهم يعيشون علي وهم الطهارة فمثل هذا موجود الآن علي السوشيال ميديا وعلى إستحياء، لكنه موجود وسوف يسود!
أصابني الامتعاض من هذا الحديث، ونفرت أسماعنا من قوله وأسكتنا هذا الصديق، ثم تحدثنا عن باطل ما قال، وهذا ما نوضحه في الاسبوع المقبل ان شاء الله.