الخارجية تستعين بجهودنا في التقرير الوطني حول جهود مكافحة الإرهاب
إفريقيا القارة الأكثر تأثرا بالإرهاب بأكثر من 700 عملية و5 آلاف قتيل وجريح .. والأطفال والنساء الأكثر عرضة واستهدافا من الجماعات الإرهابية
أصدرنا 30 كتابًا باللغة العربية واللغات الأجنبية .. وحصنا 13 جامعة ضد الفكر المتطرف
حاورها – إيهاب نافع:
أكدت الدكتورة ريهام سلامة، المدير التنفيذي لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن مهمة المرصد تتمثل في رصد أي مظاهر للتطرف وتحليلها ومتابعتها والرد عليها، ومعرفة كيف يفكر العدو، ومن ضمن استراتيجية المرصد بكل الوحدات تعتمد على رصد ومتابعة أحوال المسلمين وقضاياهم وتحليلها والرد عليها، وأن الخارجية المصرية تستعين بجهود مرصد الأزهر في التقرير الوطني حول جهود مكافحة الإرهاب، وأنه تم إصدار 30 كتابًا باللغة العربية واللغات الأجنبية، وأن مؤشر المرصد للعمليات الإرهابية في القارة الإفريقية يسجل أكثر من 700 عملية إرهابية بإجمالي ضحايا تجاوز الـ 5000 ما بين قتيل وجريح ، وأن المرصد سعى لتنمية المهارات النقدية وتحصين طلاب 13 جامعة مصرية للوقاية من التطرف.
أضافت في حوارها لـ “عقيدتي”: تواجد المرصد في النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم جاء لعرض وتصحيح الأفكار المتطرفة التي تبثها الجماعات المتطرفة في الاذهان للنفوس الضعيفة، وأن الأطفال والنساء كانوا من الشرائح الأكثر عرضة واستهدافا من قبل الجماعات الإرهابية ولا سيما داعش بسبب سهولة التأثير عليهم وبعدهم عن دائرة الاشتباه وسهولة في التخفي.
بداية يتساءل البعض ما أهمية وطبيعة عمل مرصد الأزهر لمكافحة التطرف؟
هدف المرصد الأساسي هو رصد أي مظاهر للتطرف وتحليلها ومتابعتها والرد عليها، ومعرفة كيف يفكر العدو، ويعمل المرصد بكل الوحدات على رصد ومتابعة أحوال المسلمين وقضاياهم وتحليلها والرد عليها، ونؤمن أن دور اللغة مهم في التواصل مع المسلمين في الخارج، ولذا فنحن نعمل على الرد على دعوات التطرف بنحو 13 لغة، ولذا فكل الباحثين بالمرصد من خريجي كليات لغات وترجمة، ودراسات إسلامية، ويجري رصد كل ما تبثه الجماعات المتطرفة، وتحصين الشباب من خلال إصدار كتب وبيانات عن وسائل استقطاب داعش للشباب، ونقاط الضعف التي يستغلونها.
ست سنوات للمرصد
تمارسون أعمالكم للعام السادس على التوالي فما أبرز ما حققتموه مؤخرا؟
نواصل في مرصد الأزهر لمكافحة التطرف للعام السادس على التوالي متابعة أنشطة وتحركات التنظيمات الإرهابية على مستوى العالم .. فخلال عام 2021 أصدرنا المئات من التقارير والإصدارات المقروءة والمرئية التي تكشف تلك التحركات وتطلق صافرة الإنذار من خططها المستقبلية، وفي أحدث تقاريرنا لهذا العام، تناولنا أهم المحطات التي واجهت بها مصر التطرف والإرهاب خلال 7 سنوات، لتكلل جهودها بالنجاح بخروجها من قائمة أكثر 10 دول عرضة للتطرف والإرهاب بحسب التقرير السنوي لمنظمة الاقتصاد والسلام (IEP) والذي يتضمن مؤشر الإرهاب العالمي.
وللعام الثاني على التوالي تستعين وزارة الخارجية المصرية بجهود مرصد الأزهر في التقرير الوطني حول جهود مكافحة الإرهاب لعام 2021، والذي يستعرض جهود الدولة المصرية ومقاربتها الشاملة لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، والسياسات والممارسات الوطنية المتبعة ذات الصلة والتي تنوعت ما بين مكافحة تمويل الإرهاب وتجفيف منابعه، وتحقيق التنمية المستدامة ورفع مستوى معيشة المواطنين آخذًا في الاعتبار أهمية البعد التنموي في تعزيز تلك الجهود.
حملات توعوية
كان للمرصد دور توعوي من خلال حملات التوعية المختلفة لو امكن الحديث عنها وتوضيح اهدافها؟
أولينا في المرصد اهتماما خاصا بفئتي النشء والشباب، فأنتج محتوى يناقش قضايا مهمة بأسلوب بسيط يلائم تواجدهم على منصات التواصل الاجتماعي، فنجد تنوع واضح في الرسائل الموجهة إليهم ضمن حملاته المصورة، والتي نشرت على صفحته على منصتي “فيسبوك” و”تويتر”، حيث تم إنتاج 8 حملات توعوية على مدار عام 2021 ، ومنها: “اليوم العالمي للطفل .. رسول الإنسانية .. 6 أكتوبر .. “الإمام والبابا .. مسار الإنسانية المشترك” .. حب الوطن .. الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة .. لا تسبوا أصحابي .. حمايتهم واجب عليك”.
كانت لكم مبادرة خاصة في اطار جهود تحصين وتوعية شباب الجامعات حول مواجهة التطرف؟
اهتممنا للغاية بتنمية المهارات النقدية لطلاب 13 جامعة مصرية للوقاية من التطرف، من خلال استقبال وفود منهم ضمن بروتوكول التعاون المبرم بين وزارة الشباب والرياضة ومرصد الأزهر؛ بهدف تنمية الجانب النقدي للطلاب لبيان الصحيح من الأفكار التي تتدفق أمامهم في كل دقيقة يتصفحون فيها منصات التواصل الاجتماعي والمواقع على الإنترنت، وتوضيح أساليب التنظيمات المتطرفة في استقطاب الشباب لتفاديها والوقاية منها، ومن هذه الجامعات: عين شمس، الفيوم، الأزهر، بنها، القاهرة، حلوان، ورؤساء اتحادات طلاب المعاهد العليا التابعة لوزارة التعليم العالي.
وبهذا يسعى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من خلال متابعاته اليومية التي تجاوزت حاجز الألف متابعة باللغة العربية ومئات المتابعات باللغات الأجنبية إلى جانب مئات المقالات والتقارير بكافة لغاته، وإنتاجه المرئي ورسائله الموجهة عبر حملاته من رصد كافة تحركات التنظيمات الإرهابية على مستوى العالم وإصدار بياناته التحذيرية من خططها، إضافة إلى تنظيم البرامج التدريبية مثل إطلاقه النسخة الثانية من مشروع “حوار حول وثيقة الأخوة الإنسانية” بالتعاون مع مؤسسة شباب المتوسط؛ بهدف تعزيز القيم الإنسانية ونشر ثقافة الحوار وقبول الآخر، وحماية الشباب من الأفكار المتطرفة التي لا تجني منها المجتمعات سوى الخراب وقتل الأبرياء.
منتدى شباب العالم
شاركتم مؤخرا في أعمال منتدى شباب العالم في شرم الشيخ .. كيف كانت مشاركتكم وما الهدف منها؟
تواجد المرصد في النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم جاء لعرض وتصحيح الأفكار المتطرفة التي تبثها الجماعات المتطرفة في الاذهان للنفوس الضعيفة، و لتعريف أكبر عدد من المشاركين من كل أنحاء دول العالم بأهداف المرصد، وكونه يعمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة حول الإسلام بسبع لغات مختلفة، وتم إضافة ستة لغات مؤخرا ومنها اللغة العبرية، وأنه تم إنشاء المرصد منذ 6 سنوات، لافتةً إلى أن جميع إصدارات مرصد الأزهر تتحدث عن المفاهيم الصحيحة للإسلام، وعن الإسلاموفوبيا، وحتى يكون هناك خطاب حقيقي.
داعش والأطفال والنساء
طرحتم في أكثر من تقرير الأطفال والنساء وكيف يجندهم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية ويستخدمهم كأدوات لينة طيعة شديدة التأثير؟!
الأطفال والنساء كانوا من الشرائح الأكثر عرضة واستهدافا من قبل الجماعات الإرهابية ولا سيما داعش بسبب سهولة التأثير عليهم وبعدهم عن دائرة الاشتباه وسهولة التخفي، كما أن هذه الجماعات غايتها تبرر الوسيلة دائمًا، وكانت غايتها تحقيق المصالح والأهداف حتى لو كان الضحية في نهاية المطاف طفلًا، إذ قد تستخدم الأطفال كقنابل مفخخة ونفس الحال مع النساء، وكانت النساء الأكثر عرضة بسبب عوامل اجتماعية واقتصادية ونفسية والعنف الذي تتعرض له بعض النساء وإحساس التناقض لدى بعض المسلمات في أوروبا بين الدين والمجتمع الأوروبي وعندها تجد أن داعش هي الخلاص وإقامة دولة ترفع راية الإسلام وتنادي بالخلافة، وبالنسبة إلى الأطفال فإن المدارس الدينية كانت المصدر الرئيسي للتأثير على الأطفال لتكوين فكرهم ثم ينتقلوا إلى مدارس قتالية، إذ يدربوهم على مبدأ الولاء والبراء وطاعة الأوامر دون إعمال العقل، لكن ومع كل هذا استراتيجية الجماعات الإرهابية بالنسبة للنساء تغيرت بسبب الضعف الكبير الذي باتت تعاني منه مؤخرًا، وبعدما كانت تلزم النساء بالبقاء في المنازل، أصبحت تعتمد عليهن واستخدمتهن كقنابل مفخخة مثلما حدث في بنجلاديش، وذلك بداية من عام 2015.
برأيكم ما هي أسباب زيادة نفوذ “داعش” عن غيره من التنظيمات الإرهابية؟
تابعنا ظاهرة تنظيم داعش وتوسع نفوذه عن غيره من التنظيمات وتوقفنا أمام ثلاثة عوامل رئيسية اعتبرناها ثالوث ساهم في زيادة نفوذ “داعش” عن غيره من التنظيمات الإرهابية، وأولها خلاياها النائمة المنتشرة بعدد من دول العالم وتتبني أيديولوجيته المتطرفة، وأما العامل الثاني فهو (المال) الذي يساعده في إغراء الشباب واستمالة عقولهم لاستقطابهم إلى صفوفه، وشراء الأسلحة والمواد التفجيرية اللازمة لتنفيذ خططه الإرهابية، وأخيرًا تفشي (جائحة كورونا) الذي تسبب في إرباك الأجهزة الأمنية بالعالم وتركيز أغلب جهدها على مواجهة حالات الشغب الناجمة عن الاعتراضات الشعبية على الاغلاقات التي أقرتها الحكومات للحد من ارتفاع أعداد المصابين.
الإرهاب الأسود
مرصد الأزهر أولى على مدار سنوات عمله اهتماما خاصا بالقارة الإفريقية والتي ينظر لها البعض على مونها مستقبل الحركات المتطرفة وموطنها القادم .. فكيف تنظرون اليها؟
معضلة الإرهاب الأسود في القارة الإفريقية على وجه الخصوص أصبحت من التحديات الجسيمة التي تواجه تلك القارة التي تشهد صراعات، تحت وطأة الفقر والجوع والبطالة وانعدام الأمن والصراعات القبلية وغير ذلك من الأمور التي ساعدت في تنامي ظاهرة الإرهاب التي تسارعت وتيرتها خلال العام المنصرم 2021 مقارنة بالعام السابق له 2020 بنسبة 13.7%؛ حيث شهدت القارة 735 عملية إرهابية خلال عام 2021، حيث رصد مؤشر العمليات الإرهابية في القارة الإفريقية والذي يصدره المرصد شهريًا، وقوع أكثر من 700 عملية إرهابية راح ضحيتها نحو 4000 قتيل و1500 مصاب، إضافة إلى اختطاف قرابة 1000 شخص.
معظمها اتخذ نمطين أساسيين وهما: المواجهات المسلحة وتفجير العبوات الناسفة التي أصبحت من الأساليب الرئيسية التي تعتمد عليها تلك التنظيمات في تنفيذ عملياتها الإرهابية؛ لأنها تعتبر بمثابة مقاتل لا يحمل أسلحةً ظاهرة ولا يخطئ هدفه، بل يحدث أضرارًا بالغة ويصيب ضحاياه دون تمييز مما يجعل عملية المواجهة صعبة للغاية، فضلًا عن التفجيرات الانتحارية التي تأتي خطوةً استباقية للمواجهات المسلحة إضافة إلى عمليات الاغتيال التي تستهدف الشخصيات البارزة، والتي وقع معظمها في الصومال، وقد أسفرت تلك العمليات عن اختطاف نحو 1210 معظمهم من المدنيين وخاصة من النساء والأطفال.
زيادةً مضطردةً
لكن برأيكم لماذا زادت وتيرة العمليات في افريقيا في 2021؟
زادت عمليات الاختطاف خلال ٢٠٢١م زيادةً مضطردةً مقارنة بعام ٢٠٢٠م بنسبة 56.9%؛ لأن تلك التنظيمات تتخذ من تلك العمليات مصدر تمويل لها، فضلًا عن تجنيد المختطفين بعد غسل أدمغتهم، كما أنها تستخدم النساء في إنجاب عناصر جديدة، وعلى الرغم من زيادة تلك العمليات الإرهابية خلال العام المنصرم إلا أن ضحايا تلك العمليات تراجع قليلًا مقارنة بعام 2020 بنسبة 1.9%؛ حيث أسفرت تلك العمليات عن مقتل أكثر من 4320 بين مدني وعسكري، وإصابة نحو 1970 آخرين، وبالنظر إلى ذلك يبدوا أن هدف تلك التنظيمات لم يكن إيقاع أكبر عدد من القتلى بقدر ما تحمله دلالات تلك العمليات من إيصال رسائل بأنها ما زالت موجودة وأنها لم تنته بعد، بل تعمل على إعادة ترتيب صفوفها من جديد، الأمر الذي تنبأ به مرصد الأزهر مسبقًا وحذر ولا يزال يحذر من ذلك، وأيضًا من الأسباب التي أدت إلى تراجع ضحايا تلك العمليات رغم زيادتها عددًا، هو أن غالبية تلك الهجمات نفذتها حركة الشباب الصومالية، التي تحاول أن تُظهر نفسها عن طريق تنفيذ أكبر عدد من العمليات الإرهابية بصرف النظر عما تحققه تلك العمليات.
لكن غرب افريقيا نجد تركيزا أكبر لوجود الإرهاب الذي تسبب في حدوث انقلابات عسكرية في بعض الدول؟
إستراتيجية التنظيمات الإرهابية في غرب القارة الإفريقية تغيرت وهذا من الأسباب التي أدت إلى تراجع عدد الضحايا؛ حيث كانت تنفذ عملياتها بشكل عشوائي، وكانت تستهدف المدنيين والعسكريين على حد سواء عن طريق عمليات انتحارية، كانت تحصد في العملية الواحدة عشرات القتلى والمصابين. أما الآن فأكثر عملياتها تستهدف العسكريين. ورغم ذلك تظل جماعة «بوكو حرام» والأذرع التابعة لها هي الأكثر دموية في القارة الإفريقية خلال تلك المدة.
أما عن أسباب ارتفاع وتيرة العمليات الإرهابية فمرجعه في المقام الأول إلى استمرار انتقال عناصر”داعش” إلى القارة، مما أدى إلى اتساع رقعة المناطق المستهدفة؛ حيث استهدفت تلك التنظيمات دولًا كانت بمنأى عن التهديدات الإرهابية وفي مقدمتها أوغندا وبنين وتوجو. كما أن الأوضاع الأمنية التي تشهدها دولة الصومال أثرت بشكل كبير في نمو نشاط حركة الشباب المدعومة من قبل تنظيم القاعدة.
التنظيمات الإرهابية أن تقوم بعمليات فيها؛ بل حاولت أن توسع من عملياتها ليمتد ويصل إلى أوغندا قادمًا من الكونغو، وفي ذلك دلالة واضحة أن تنظيم داعش الإرهابي يحاول بشدة أن يوجد لنفسه مكانًا في معظم البلدان الإفريقية عن طريق خلايا صغيرة، بصرف النظر عما تستطيع تحقيقه، وذلك كي يوهم المجتمع الدولي أنه ما زال موجودًا وقادرًا على التوسع والانتشار وبسط النفوذ من جانب، ومن جانب آخر يحاول أن يرهب القوى الإقليمية التي يواجهها.