كيف تخشع الأبصار مع أن الخشوع للقلوب وكيف ترهقهم الذلة كما هو مفهوم من قوله تعالى (خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون)؟
(خاشعة أبصارهم): يعني: ذليلة خاضعة؛ وذلك أن الذل والقلق قد ملك قلوبهم. (ترهقهم ذلة): أي: تغشاهم ذلة شديدة، وهوان عظيم. يقال: رهقه الأمر يرهقه رهقًا، إذا غشيه بقهر وغلبة لا يمكن له دفعها. (الذي كانوا يوعدون): يعني: على ألسنة الرسل.
والخلاصة: أن من الوعيد المحقق الذي لاشك فيه الذي يجرى بأمر الله سبحانه وتعالى لهم في ذلك اليوم من الأحوال الهائلة والشدائد المذهلة، حتى يرون عذابهم واقعًا، وجزاءهم محققًا، وكل ما هُددوا به ماثلًا، أنهم يخرجون من قبورهم، ذليلة أبصارهم، لا يقدرون على رفعها من الذل والهوان الذي نزل بهم، بعد ما كانوا ينكرون وقوعه، ويكذبون من أرسلهم الله لهدايتهم للحق، ونجاتهم من العذاب.