ظهر فى الأونة الأخيرة سلوكيات كثيرة ومتعددة فى حياتنا نهى عنها الاسلام بل وجميع الأديان السماوية ومنها ؛ التربص بالأخرين ونصب لهم الكمين من أجل السقوط والوصول بهم لدرجة التدمير ولكن قبل أن نتناول التربص واشكاله تجدر بنا الإشارة للتفرقة بين أمرين ؛
الأمر الأول؛
قول الحق دون مبالغة أو مجاملة وذلك بهدف اصلاح الباطل للعامة وللجميع وليس بشكل شخصى وذلك كما أمرنا ديننا الاسلامى من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الايمان .
الأمر الثانى؛
تصيد الأخطاء والتربص بالأخرين كالجواسيس وقد يصل الأمر لعمل كمين لهم وكل ذلك بهدف النقد اللاذع أو افتعال مشاكل أو النيل منهم أو التشهير بهم وهذا النوع من القول ليس له هدف إلا الإحباط للأخرين وزيادة السوء بما هو أسوأ منه لأن الاستمرارية فى النقد اللاذع الذى لايحكمه هدف الاصلاح والتعديل لن يأتى سوى بالأمراض النفسية والاكتئاب والشعور بالامبالاة وعدم الرغبة فى أداء أى شئ طالما النتيجة واحدة وقد يصل الأمر للتخلص من الحياة بالانتحار وذلك لدى ضعيف الايمان بالله .
وللتربص أنماط وأشكال كثيرة ومتعدة تبدو واضحة لنا فى جميع أنماط الحياة فى وقتنا الحالى منها على سبيل المثال لا الحصر ؛
* قد يتربص شخص بأخر ويراقبه فإن وجد منه الحسنى فلا يبالى ولا يذكرها ولكنه ينتظر له وقوعه فى الخطأ فقط ليقوم بتضخيم زلاته وسقطاته ويلومه أو يعايره أو يشهر به أو يفضحه أو يورطه ، أو يبتزه وهذا التربص قد يكون من الأب لإبنه أو الزوج لزوجته أو الزوجه لزوجها أو الزميل لزميله وقد يبدو الطرف المتربص أنه يخاف على المتربص به وأنه يراقبه للتعرف على نقاط ضعفه واصلاحها ، وقد يكون بعض هذا صحيحا مثل تربص الأب لأولاده ولكن فى الغالب يصل لنتيجة مؤذية أو قد يكون ستارا لعدوانية مستترة لدى المتربص يستخدمها ضد المتربص به وقت الابتزاز كما حدث ويحدث فى عصرنا الحالى وظهر ذلك واضحا فى الأيام الحالية عندما تربص الشباب العاطل بالفتاة التى لاتتجاوز من العمر خمسة عشرة سنة مما أدى بها الأمر للإنتحار والتخلص من الحياة ، وكذلك رئيس العمل الذى تربص بالموظف البسيط ، ثم لاحظ كثرة دخوله لدورة المياة ، ثم قام بنقده بشكل أدى بالموظف للانتحار .
وهنا يبدو الخطأ فادحا لدى رئيس العمل والموظف؛
* فالبنسبة لرئيس العمل عليه أن يتابع العمل بهدف الأطمئنان على سير المنظومة بسلام وعندما يجد تقصير من أحد الموظفين عليه أن يلفت نظر الموظف دون تجريح مرة وأخرى من أجل الاصلاح والتعديل وإن لم يستجب للتوجيه والإرشاد عليه بتحويله للتحقيق دون إهانة لأن ليس من حق رئيس العمل أن يهين المرؤسين ويقلل من قدرهم لأنه عندما ينقد رئيس العمل المرؤسين بصفة مستمرة بحيث لايظهر سوى نقاط الضعف ولا يتطرق نهائيا لنقاط القوى رغم أن التطرق لنقاط القوى بكلمة طيبة يعتبر حافزا للتقدم فالكلمة الطيبة صدقة .
أما بالنسبة للموظف كان ولابد أن يكون قوى الايمان بالله فالانتحار ضعف فى الايمان وفى الثقة بالله . ويعلم جيدا أن لله الأمر من قبل ومن بعد . ايضا يجب أن يكون لديه ثقه بنفسه قادر على مواجهة كل التحديات والصعاب وعدم الاستسلام لمجرد النقد لأن لو كل شخص تعرض لضغط نفسي قام بالانتحار ماكان على سطح الكرة الأرضية من بشر .
ويرى علماء النفس فى تعريفهم لأمثال هؤلاء المتربصين بأنهم مرضى نفسيون وسلوكهم مشين ينطلق من ثقافة النقص ويقوم المتربص باسقاط كل نواياه السيئة وصفاته القبيحة على المتربص به وهذا يمنحه راحة نفسية حيث يتخلص من عيوبه حين يراها وكأنها موجودة فى الأخر فيطمئن على ذاته وأنه بخير بالاضافة لاشعال شتى أشكال الخلافات فيجدون لذتهم الحقيقية فى إذكاء نار الصراعات والفتنة بين المجتمع الواحد .
وأخيرا أدعو الله أن يردنا اليه ردا جميلا لأن كل ما تعانى منه ونتعرض إليه بسبب البعد عن أوامر الله ورسوله .