تحقيق : مروة غانم
لا يجب أن تمر علينا المناسبات الدينية مرور الكرام بل ينبغى أن نغتنمها ونحسن استغلالها ونتوجه بها الى الله تعالى طالبين منه خير الدنيا والأخرة وتعد ليلة النصف من شعبان من أعظم الليالى وأفضلها عند الله تعالى , ففيها استجاب لنبيه وحقق أمنيته وحول قبلته الى البيت الحرام بعدما كان يتوجه فى صلاته لبيت المقدس ففرح النبى فرحا شديدا وفرح صحابته الكرام لذا يجب أن تكون ليلة النصف من شعبان هذا العام نقطة تحول فى حياتنا للأفضل فيحاسب كل منا نفسه فيما مضى ويفتش بداخله جيدا عما يريد , فقد كان السلف الصالح ينتظرون هذه الليلة ليجتهدون فيها ويطلبون من الله ما يريدون وما يتمنون .
فحول فضل ليلة النصف من شعبان وكيف يجب أن تكون نقطة لتغيير حياتنا للأفضل دار هذا التحقق حيث أكد الدكتور نادى عبد الله أستاذ الحديث بجامعة الأزهر بالقاهرة على أن الله عزوجل حقق لنبيه صلى الله عليه وسلم أحد أهم الأمنيات ليلة النصف من شعبان وهى تحويل القبلة من بيت المقدس الى الكعبة المشرفة وأعطاه ما كان يتمناه فقد قال جل شأنه :” ولسوف يعطيك ربك فترضى ” وتعد هذه الحادثة تكريما للنبى صلى الله عليه وسلم وتطيبا لخاطره وتحقيقا لأمنية كثير ما كان يتمناها وتتوق اليه نفسه ,فأنزل الله تعالى قرآنا يحقق مراده ويستجيب لهواه الشريف فقال تعالى :” قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون ” .
ليلة خاصة
وأضاف أستاذ الحديث بجامعة الأزهر : إن بين أيدينا ليلة اختصها الله تعالى بمزية المغفرة والعفو والاحسان فعلينا ألا نضيعها حيث قال النبى صلى الله عليه وسلم :” يطلع الله الى عباده ليلة النصف من شعبان , فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين , ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه ” ومعنى يدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه : أى أن أهل الحقد لا يغفر لهم حتى يطهروا قلوبهم ويتركوا حقدهم فهم محرومون من المغفرة ليلة النصف من شعبان , وفى رواية أخرى :” يطلع الله الى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن “
وأوضح أستاذ الحديث أن العبد المؤمن الذى يتمنى أن يحقق الله رجاءه فى هذا الشهر الكريم عليه أن يتحلى بالطاعات التى تؤهله لمغفرة الرحمن وأن يبتعد عن المعاصى والذنوب ومنها الشرك بالله فانه المانع من كل خير كما يجب أن ينزع من قلبه الشحناء والحقد على المسلمين أضف الى ذلك أن ينظر كل انسان عن العمل الذى يؤديه هل يؤديه كما ينبغى أن أنه يساوف ولا يتقن عمله ويتهرب من أداء واجباته .
ولفت الى أن السلف الصالح اعتنوا عناية شديدة بليلة النصف فخصوها بمزيد من الرعاية والاجتهاد فى العبادة وفعل الخيرات
وطالب بأن نوجه أمنياتنا وطموحاتنا الى ما هو نافع لنا فى الدنيا والأخرة
درس للتحدى
ووافقه الرأى الدكتور محمد سالم مدرس التاريخ الاسلامى بجامعة الأزهر بالمنصورة مؤكدا أن تحويل القبلة كان درسا كبيرا للتحدى واختبارا للصبر وتمحيصا لقلوب المؤمنين وبيان للمجادلين والمعاندين , فهاهو الصديق رضى الله عنه يضرب أروع الأمثلة فى الإقتداء والتأسى والطاعة وحب النبى صلى الله عليه وسلم وتصديقه فى كل ما جاء به فلما أسرى بالنبى صلى الله عليه وسلم أصبح الناس يتحدثون بذلك فارتد ناس فمن كان أمنوا به وصدقوه وسمعوا بذلك الى أبى بكر ’ فقالوا : هل لك الى صاحبك يزعم أنه أسرى به الليلة الى بيت المقدس , قال أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم , قال : لئن قال ذلك لقد صدق ’ قالوا : أو تصدقه أنه ذهب الليلة الى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟ قال : نعم , إنى لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء فى غدوة أو روحة .
وأضاف سالم : لابد أن نأخذ من حياة النبى العبر والعظات ونتعهد فيما بيننا أن تكون ليلة النصف من شعبان بداية لتغيير حياتنا وتهذيب سلوكياتنا باتباع الهدى النبوى فى كل شيئ وإلتزام الصدق فى أقوالنا ومساعدة بعضنا البعض فضلا عن الاخلاص فى العمل وعدم التواكل أو التراخى .
ولفت الى أن حب الوطن والتعلق به والدفاع عنه من أسمى الغايات وأرفع الرتب كما كان حال النبى صلى الله عليه وسلم , فقد ارتبط ببلده مكة وتعلق قلبه ببيت الله الحرام فحقق الله مراده وبلغه أمنيته وهذه رسالة لكل انسان مخلص فى عمله حريص على بلده ووطنه ان الله لن يخذله ولن يضيعه وسيحقق له ما يتمناه .