أشرت فى المقال السابق إلى مشروع القانون الذى تقدم به النائب طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، الذى يهدف إلى حصر ممارسة الخطابة والدروس الدينية، وما في حكمها في الساحات والميادين العامة ودور المناسبات، والحديث في الشأن الديني بوسائل الإعلام المرئية أو المسموعة أو الإلكترونية، في خريجي الأزهر والعاملين به من الأئمة بالأوقاف والوعاظ بالأزهر، المصرح لهم بممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد.
ونص القانون على حبس كل من يتحدث في الشأن الديني بوسائل الإعلام دون تصريح، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تجاوز سنة، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه، ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وقال رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب في تصريحات تليفزيونية: إن ما دفعه لتقديم مشروع القانون هو رغبته في ضبط وتنظيم الحديث عن الدين في الإعلام والمناب، والتصدي للفتاوى المُريبة، التي تساعد على نشر التطرف في مصر والمنطقة العربية، مشيراً إلى أنه خلال الـ10 سنوات الماضية بعض من غير طلاب العلم وليسوا من أصحاب المعرفة أو التخصص في الشؤون الدينية، “صرحوا عبر قنوات الإعلام المختلفة بأحاديث غريبة عن الدين وعن ثوابت المجتمع المصري”.
وأكد رضوان أن مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف هما الجهتان المنوط بهما إصدار تصاريح الخطابة والدروس الدينية في المساجد، دون غيرهما، موضحاً أن طريقة خروج الفتوى في دار الإفتاء والأزهر ووزارة الأوقاف، تكون بآلية تكفل ضمان المعايير العلمية لهذا الخطاب للناس.
وعلق خالد عمران أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على مشروع القانون، قائلاً: “الفتوى علم له أهله، والمتخصصون فيه، ويجب الرجوع إلى المؤسسات الدينية المتخصصة في الشؤون التي يتطلبها الأمر”، مؤكداً أن محاولة الفتوى بغير علم وادعاء معرفة كل شيء “تُعد إثماً”.وفى تقديرى أن هذا القانون حين يخرج للنور سوف يسهم فى الحد من ظاهرة التجرؤ على القول فى دين الله بغير علم، وسوف يفسح المجال لأهل التخصص من علماء الدين الحقيقيين للظهور فى البرامج الدينية فى الفضائيات، ووسائل الإعلام المختلفة، بعد أن كان الخطاب الدينى كلأ مستباحا لكل من هب ودب من غير المتخصصين، وأصحاب العلم الناقص، وأنصاف المتعلمين.
وينبغى أن يخصص مجلس النواب جلسات استماع لعلماء الأزهر الشريف، ورجال القانون، للإدلاء برأيهم فى مواد مشروع هذا القانون حتى تتم صياغته صياغة دقيقة لا تحتمل التأويل أو الالتفاف على أحكامه، وأرجو أن يراعى مشروع القانون إلزام علماء الدين كذلك بعدم التحدث قى غير تخصصاتهم عبر وسائل الإعلام، فلا يجوز أن يتحدث عالم اللغة فى الفقه وأصوله، ولا يتحدث عالم الفقه فى التفسير وهكذا، خاصة أن جامعة الازهر الشريف زاخرة بالعلماء فى التخصصات المختلفة التى تلبى احتياجات كل البرامج فى شتى المجالات، ويستثنى من ذلك كبار العلماء.
وأذكر أن إذاعة القرآن الكريم التزمت هذا المنهج بكل دقة أيام كان يرأسها الإعلامى المتميز والصديق العزيز الأستاذ إبراهيم مجاهد، فلم يكن يتحدث فى التفسير إلا أساتذة التفسير، وفى الحديث أساتذة الحديث..، وهكذا: فى الفقه والسيرة واللغة والدعوة.. إلخ، مما كان له الأثر الطيب فى تقديم نخية متميزة من علماء الأزهر الشريف لم نكن نسمع بهم من قبل، وأيضا أثرى البرامج المختلفة بخطاب متميزلأنه يصدر عن متخصصين، وللأسف الشديد تخلت إذاعة القرآن الكريم عن هذا المنهج أيام حكم الإخوان المجرمين، إذ كان المهم أن يكون المتحدث إخوانيا أولا، وليس مهما أن يتحدث فى تخصصه، ثم عادت إذاعة القرآن الكريم شيئا فشيئا إلى التدقيق فى التخصص، بعد أن أزاح الله عنا هذة الجماعة المجرمة إلى غير رجعة.
وإن شاء الله نستكمل الحديث فى “قضية بناء الوعى” إن كان فى العمر بقية.