لم يعد أحد فى مصر- بل فى مختلف دول العالم- لا يعانى من الانفلات الجنونى فى أسعار كل السلع والخدمات التى يحتاجها فى حياته اليومية، فعقب اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية اشتعلت نار الأسعار فى كل السلع والخدمات والخامات، حتى غير المرتبطة بالتصنيع أو التصدير بأى من دولتى الصراع! وكل ما فى الأمر هو استغلال بعض أصحاب النفوس الضعيفة الفرصة لتحقيق أقصى ما يمكنهم من الأرباح على حساب “عَرَق” الناس، وسرقة جيوبهم!
وفى الداخل المصرى رأينا بل اكتوينا بنار تلك الأسعار التى تضاعفت فى بعض السلع بشكل لم يسبق له مثيل، وبدون أى مبرِّر، لدرجة أن كثيرا من الناس أصبح يئن من وطأة أسعار أقل احتياجاته اليومية.
وإذا كانت مصر المحروسة قد تغلَّبت على جائحة كورونا وتداعياتها الخطيرة التى أثَّرت على العالم كله، فمن غير المعقول أن تتحوّل الحرب الروسية الأوكرانية إلى “هاوية” تحرق المصريين وتكويهم بتداعياتها أكثر من “كورونا”!
خاصة فى ظل ما تشهده مصر من مشاريع عملاقة وإنجازات على مستوى كل قطاعات الإنتاج والاستصلاح والصناعة، ما جعلها تتخطّى جائحة كورونا بصلابة وقدرة غير مسبوقة فى باقى دول العالم حتى الكبرى وذات الاقتصاد الضخم، لدرجة أن المساعدات المصرية المتنوعة وصلت للكثير ولم تبخل مصر عن دعم أشقائها وأصدقائها، خاصة فى المساعدات الطبية والغذائية، وأثبتت فعلا أنها “أُمّ الدنيا”.
لكن ما نحن فيه الآن من قفزات متلاحقة وحارقة للجميع من أسعار كل السلع والخدمات، جعل الشكوى تعمّ الجميع من أول رجل الشارع حتى ممثليه فى البرلمان الذين حملوا على عاتقهم التعبير عن مشكلات واحتياجات المواطنين.
بل إن الرئيس عبدالفتاح السيسى وجَّه الحكومة بسرعة التصدى لهذه الموجة الخطيرة من الانفلات فى الأسعار، من خلال الحملات الرقابية، وتحرّك المسئولين- كل فى دائرة اختصاصه وعمله- لمواجهة كل من تسوِّل له نفسه اللعب بـ”قوت” الشعب، أو استغلال الأزمات سواء الداخلية أو الخارجية لتحقيق الأرباح الطائلة، ولو على حساب الأمن القومى لبلادهم، وأولئك يستحقّون الضرب على أيديهم بالحديد والنار، فإذا كان القانون يُجيز تلك المواجهة القوية، فإن الدين سبقه وحرَّم الاحتكار وحرمان الناس من التيسير عليهم فى توفير احتياجاتهم ومتطلباتهم اليومية.
ولن نكرِّر دعوة المواطنين والمستهلكين بضرورة تسلّحهم بالوعى فى المواجهة وإيجابيتهم فى التصدى للمحتكرين والمتاجرين بأقواتهم، من خلال الإبلاغ عنهم، ومقاطعتهم، وكذا المزيد من الترشيد فى الاستهلاك، والاكتفاء بالضروريات، وأعلم يقينا أنه حتى الضروريات أصبحت صعبة التوفير، لكن هذا قدرنا وعلينا جميعا أن نكون على قلب رجل واحد فى المواجهة حتى تنقشع الغُمَّة، ويرفع الله تعالى عنّا البلاء، فندعوه سبحانه أن يُعيد علينا الأمن والأمان والرخاء والنماء، خاصة وأننا مقبلون على أيام مباركات فى شهر رمضان المعظّم، أعاده الله على الجميع بالخير والسعادة.