الذى يطالع العديد من المواقع الاخبارية وصفحات الفيس بوك وبعض الصحف، ويدقق فى المساحات المخصصة لأخبار الحوادث والقضايا والجريمة سوف يستدعى انتباهه عدة أمور منها:
الأمر الأول هو مدى ضخامة الاهتمام والتوسع فى نشر هذا اللون من الاخبار الذى تعج به مواقع التواصل باعتباره وسيلة من وسائل «التريند» والمشاهدة العالية، ووسائل للرواج وزيادة التوزيع واذا كانت الصحف والمجلات القومية والمواقع الرسمية تتحرز وتدقق فى النشر فى كثير من الحالات فإن عدداً كبيراً من الصحف الخاصة والمواقع وصفحات التواصل تبالغ فى النشر بصورة تكاد تحولها إلى صحافة صفراء لتركيزها بصفة خاصة على قصص الجنس والاغتصاب والخيانة الزوجية والدعارة والقتل وخلافه.
الأمر الثاني.. إن تواتر وكثافة النشر بهذا الشكل يوحى بأن المجتمع قد تحول افراده إلى الانشغال بالجنس والخيانة والاغتصاب والقتل لأتفه الاسباب، وهذا مخالف لحقيقة ان المجتمع المصرى مجتمع متدين يبنى نفسه ويجاهد من أجل توفير الحياة الكريمة لكل افراده وليس كما تصوره بعض الوسائل الاعلامية من أنه مجتمع منحل اخلاقيا ودينياً لمجرد بعض الحوادث أو الحالات التى لا تذكر بجانب عدد السكان الذى يزيد على 100 مليون.
الأمر الثالث.. ان هذه الجرائم كانت موجودة دائماً ولكن اعدادها تضاعفت ليس فقط بسبب تضاعف عدد السكان ولكن لأن الحياة أصبحت اكثر تعقيداً.. والاغراءات اكثر حدة وتنوعاً ومحاصرة للانسان فى كل مكان كما انه ثمة جهات بعينها ودولاً لا تريد مصر قوية ناهضة ولا تجد سبيلاً لاضعاف مصر سوى باضعاف شعبها وبصفة خاصة شبابها الذى يمثل نسبة كبيرة من تعداد الشعب المصرى لذلك تطارده بالاغراءات بدءا من التبشير بمجتمع الاستهلاك والاعلانات المغرية والفيديوهات المستفزة مروراً بالمخدرات والجنس وصولاً إلى التحلل من الدين بالالحاد او الارتماء فى أحضان التطرف.
الامر الرابع.. ان ما ذكرته لا ينفى ان ثمة أسباب اجتماعية واقتصادية وتربوية وثقافية تقف وراء ازدياد معدل الجريمة، ومن ثم فإن اى علاج لهذه الجرائم واى محاولة للحد منها لا يكفى لها مجرد تشديد العقوبات وسرعة اصدار الأحكام رغم انهما ضرورتان.. ولا يكفى مجرد الحد من نشر اخبار هذه الجرائم او ترشيد نشرها.. لكن لابد من دراسات تحليلية مستفيضة تقوم بها الاجهزة المعنية أمنية وقضائية وبحثية مثل المجلس القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ومركز بحوث الشرطة واقسام الاجتماع والتربية وعلم النفس فى الجامعات لتحليل الجرائم بصفة عامة والزنا والخيانة الزوجية والقتل بصفة خاصة فهذه الجرائم التى تتم بين افراد المجتمع لاسباب مختلفة لا تقل اهمية وخطراً عن الجرائم المنظمة التى تقوم بها عصابات دولية وجماعات ارهابية.
وقد احسن المجلس الأعلى للاعلام صنعاً حينما وضع كود للتعامل مع قضايا المرأة ومن اهمها عدم تحويل تقارير الاعتداء عليها إلى قصص جنسية مثيرة عن طريق اضافة التفاصيل السطحية للخبر وعدم اختزال المرأة فى استخدامها كأداة جنسية جاذبة للمشاهدين من خلال التركيز على جمالها وانوثتها فى الاعلانات وعدم استخدام الايحاءات والعبارات واللغة المتميزة جنسياً فى الاعلانات.
وفى النهاية يجب ان ننظر إلى هذه الجرائم نظرة جديدة سواء من الناحية الشرعية أو القانونية أو التربوية حتى نطمح فى محاصرة هذا الخلل الذى ترجع له صفحات التواصل وبعض الوسائل الاعلامية المشبوهة.
وختاماً
قال تعالي:
«وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِى الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ».
صدق الله العظيم
سورة القصص أية «77»