المفتي: اللجوء للمتخصصين من صميم الشريعة د. ممتاز عبدالوهاب: الإيمان والرضا يخففان الإصابة
كتبت- إسراء طلعت:
هل المؤمن لا يصاب بالمرض النفسي؟! سؤال أصبح مثيرا للجدل خلال الآونة الأخيرة لاسيما بعد تصريحات د. حسام موافي، استاذ الحالات الحرجة بالقصر العيني، والتي تم تداولها عبر مواقع التواصل الإجتماعي والتي قال فيها: إن المؤمن غالبا لا يصاب المرض النفسي. وسرعان ما خرجت أفواه تلاحقه بالهجوم الشديد مؤكدين أن الدين لا علاقة له بالمرض النفسي وأن زيارة الطبيب النفسي واجبة في حالة الإصابة بمرض نفسي، عقيدتي ترصد كافة الآراء ووجهات النظر حول هذا الأمر في السطور القادمة.
في البداية، قال د. حسام موافي، في برنامجه التليفزيوني: إن المريض المصري لا يقبل مصارحته بالمرض النفسي ويظن أنه مصاب بالجنون أو أن ذلك ناتج عن حالته الاجتماعية، لكن الحقيقة أنه ليس له علاقة بالحالة الاجتماعية، والشخص المؤمن والقريب من ربه لا يُصاب بالأمراض النفسية، وهنا كان محل الجدل الواسع، وخرج بعدها موضحا تصريحاته قائلا: «هل يعقل أن أستاذ في كلية طب عمره 76 عاما ميعرفش تخصص اسمه الطب النفسي، لكن فلسفتي فيما قلت أن المتدين لا يقلق ومن ثم لا يصاب بالاكتئاب، مؤكدًا أن الشخص المؤمن سواء كان مسلما أومسيحيا، أقل عرضة للإصابة بالمرض النفسي، لافتا إلى أن هذه ملاحظة وجدها في عيادته الخاصة.
وعلق د. ممتاز عبدالوهاب، رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي، على ما أثير، قائلا: الأمراض النفسية تنقسم إلى نوعين، منها أمراض نفسية بيولوجية لا علاقة لها بالدين أو الإيمان، وهذه الأمراض تصيب المتدين وغير المتدين.
أضاف: هناك أمراض تكون نتيجة الضغوط الاجتماعية والظروف، وبالتأكيد لو الإنسان عنده قدر من الإيمان والرضا تكون نسبة تعرضه لها أقل ومقاومته لها أكثر، لكن في النهاية تصيب المتدين أو غير المتدين.
من جانبه قال د. محمد المهدي، استاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن رجال الدين والإفتاء لهم دور كبير في تثقيف المجتمع وتوعيته بأهمية الطب النفسي، إلا أنه من الضروري اللجوء إلى الأطباء عند الإصابة بالمرض النفسي.
وعن علاقة الإيمان بعلاج المرض النفسي، قال: هناك علاج ديني للوسواس القهري لا يقل أهمية عن العلاج المعرفي السلوكي أو الدوائي، وهو العلاج القائم على التعاليم الدينية السمحة الميسرة.
ولفت د. المهدي النظر إلى حالات الوسواس القهري، الذي هو اضطراب نفسي له أسباب بيولوجية ونفسية واجتماعية، مشيرًا إلى أن تغيير المعتقدات الوسواسية التي لها علاقة بالدين صعب وليس بالأمر السهل؛ نتيجة تشكيل الظاهرة الدينية لحوالي 70% من وعي الإنسان، موضحا أن الوسواس القهري لا يمثل إلا نسبة بسيطة عند الناس لا تتعدى 3% من حالات الوساوس، ومن أشكالها التدين الوسواسي، ويتمثل في إنجاز بعض الأعمال في ساعات وأيام بدلًا من دقائق، وذلك من شأنه تعطيل حياة الإنسان، كالاستمرار في الوضوء لمدة طويلة وإعادته للاطمئنان إلى صحته، أما السمات الوسواسية فهي كثيرة ولا تمثل خطرًا كبيرًا على صاحبها ما دامت لا تعوقه ولا تضره، في حين هناك صفات وسواسية تتسم بالدقة المتناهية يقوم بها أصحاب الأعمال التي لها علاقة بالدقة، فهي محمودة ومرغوبة، مثل المدققين والمراجعين في كافة المجالات كالتراث والجودة وغيرها من المجالات المعاصرة التي تتطلب قدرًا كبيرًا من الدقة.
كان د. شوقي علام، مفتي الجمهورية، أكد أن تراث العلماء المعتبرين مليئ بالنصوص والكتابات التي اهتمت بالنفس ومشاكلها، كالإمام أبي حامد الغزالي، رحمه الله، وغيره، مشددا على أننا في حاجة ماسة لأن نرجع إلى هذا المزج الشديد بين العلوم الإنسانية النافعة، ولا ننعزل عنها بأي حال، ما دام هناك التزام بالضوابط.
أضاف المفتي: اللجوء إلى المتخصصين وأهل العلم أمر حثت عليه الشريعة الإسلامية ودعت إليه، مؤكدا على دور العلم والتخصص في حياة الناس وصلاح المجتمعات، وهو من صميم تجديد الخطاب الديني والإفتائي، مشددا على ضرورة نشر الوعي المجتمعي في قضية المرض النفسي، وأنه مثل غيره من الأمراض العضوية يحتاج إلى العلاج من خلال المتخصصين في الطب النفسي.