من فضل الله علينا أن الحسنات تُضاعَف، فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والله يضاعف لمن يشاء، وكذلك من رحمته بنا أن السيئة بمثلها، ولكن هل يعني ذلك أن السيئة في شهر رمضان مثلا أو في وقت الحج أو في بيت الله الحرام تساوي نفس السيئة إذا فعلها الإنسان في الأيام العادية أو أي مكان آخر؟ وهل السيئة التي تصدر من أهل بيت الأنبياء والصالحين كالسيئة التي تصدر من أهل بيت الفاسقين أو عامة الناس؟ بالطبع لا.
لأن الله تعالى بَيَّن لنا في القرآن الكريم أن الحسنات تضاعف وكذلك السيئات، حيث قال في القرآن الكريم: “مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا” وقال عن السيئة في نفس الآية: “..وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ” الأنعام/160. وقال عن الذنوب والسيئات في المسجد الحرام: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) الحج/25. وقال عن مضاعفة السيئات إن صدرت من نساء النبي: “يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيراً”.
ومن ذلك نعلم أن الحسنة والسيئة تضاعف في الزمان والمكان الفاضلين، ولكن هناك فرقا بين مضاعفة الحسنة ومضاعفة السيئة، فمضاعفة الحسنة مضاعفة بالكم والكيف، والمراد بالكم: العدد، فالحسنة بعشر أمثالها أو أكثر، والمراد بالكيف أن ثوابها يعظم ويكثر، وأما السيئة فمضاعفتها بالكيف فقط أي أن إثمها أعظم والعقاب عليها أشد، وأما من حيث العدد فالسيئة بسيئة واحدة ولا يمكن أن تكون بأكثر من سيئة. فالحسنة تضاعف بالكم وبالكيف.
أي بالعدد والقدر والقوة والعظم، وأما السيئة فبالكيف لا بالكم، فتكون مضاعفة السيئة في مكة أو في المدينة وفي الاشهر الحرم أو الأيام الفاضلة مضاعفة كيفية بمعنى أنها تكون أشد ألماً ووجعاً لقوله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) الحج/25.
ولذا، ففي الحديث عن الأشهر الحرم قال الإمام القرطبي رحمه الله: “لا تظلموا فيهن أنفسكم” بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظَّم شيئًا من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظَّمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيئ، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحلال.