الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وبعد؛؛
الحق أن الدعوة والتبليغ من أشرف المهن وأجلها, ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من رب العزة بتبليغ دعوة ربه للناس كافة قال تعالى: يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ … ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم بلغوا عني ولو آية ( صحيح البخاري) والبلاغ عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون بطرق عده وأساليب متعددة كما سنرى.
والحق أن هناك العديد من الصعوبات والمشكلات التي تواجه الدعوة وتعرقلها وبيانها على النحو التالي:
أولا: المشكلة المادية.
حقيقة المال من أهم لوازم الدعوة إلى الله فالدعوة بلا مال كفارس بلا جواد, والمال ضروري لإقامة المؤسسات الدعوية من ناحية, ومن ناحية أخرى لتجهيز الدعاة بما يحتاجونه من أدوات ووسائل تيسر أمر الدعوة, كالسفر للخارج مثلا, أو لإقامة المنشآت الخيرية والدعوية في المناطق التي لا تصلها الدعوة بشكل كبير كمناطق غرب ووسط إفريقيا, وهي بلا شك مناطق تحتاج لجهود جبارة وطاقات غير عادية .
ولعل الأزهر كان الأسبق من غيره من مئات السنين في ارسال البعثات وفتح الأروقة لشتى الجافلين من ربوع العالم من إفريقيا وآسيا وأوربا والملايو وليس أدل على ذلك من وجود أكثر من ثلاثين رواقا في الجامع الأزهر لا ستقبال هؤلاء الوافدين وتقديم يد العون لهم وارسالهم لبلادهم مرة أخرى كسفراء دعاه ومبعوثين عن الأزهر يبلغون رسالات الله في كل صوب وحدب ولعل على جميع المؤسسات المعنية أن تحذو حذو الأزهر أو على الأقل تقدم المعونات المادية اللازمة لاكمال الأزهر لرسالته السامية وتبليع دعوة الله سبحانه.
والشيء بالشيء يذكر فإن أحوال الدعاة المادية بحاجة لمزيد من التحسين حتى يتفرغ الداعية لعمله ورسالته تفرغا تاما.
المشكلة الثانية التي تواجه الدعوة هي مشكلة المؤسسات
والحق أن كثرة المؤسسات الرسمية وغير الرسمية مشكلة تحتاج لوقفة ومعالجة, فيجب أن تتوحد الجهود وأن تكون هناك جهة واحدة معنية بأمر الدعوة, ولا أقول أن تتنحى المؤسسات الأخرى لكن ينبغي أن تكون هناك قوانين منظمة واسس واضحة تبين ما ينبغي أن تكون عليه الدعوة لا سيما وقد أصبحنا في عالم مفتوح وبات كل من يملك هاتفا أو موقعا على صفحات التواصل يملك منبرا يستطيع من خلاله بث أفكاره ونشر معتقداته, وهو أمر في غاية الخطورة.
فبتنا نرى انتشار الأحاديث المكذوبة والقصص الموضوعة والأخبار الواهية, والفتاوى الشاذة المتشددة, وباتت وسائل التواصل الاجتماعي احيانا تمثل خطرا على الدعوة وعلى الفتوي وهو أمر يجب معالجته من خلال سن قوانين رادعة لكل فتوى شاذة أو تصدر لأمر الدعوة من هم ليسوا أهلا لها.
المشكلة الثالثة نوعية الدعاة.
وهنا لا بد أن نفرق بين الداعية والموظف فللأسف بعض الدعاة والأئمة أتخذ من المنبر والمحراب مجرد وظيفة يتقاضى عليها راتبا وحسب!! ونسي أن الله قد اختاره في مكان الأنبياء والمرسلين, وأن عليه مسؤولية ضخمة ومهام جسيمة وأن لا بد وأن يكون قدوة حسنة للتأثير في المستمعين
والحق إني اثمن ما تقوم به وزارة الأوقاف الآن من متابعة جادة ومستمرة ومن عقد دورات بصفة دورية للأئمة واستبعاد كل إمام يثبت تورطه في الانضمام لجماعة متطرفة أو فكر غير مستقيم.
وإن كنت أرى أنه لا بد من تكثيف تلك الدورات
ولكن يجب ابتداء أن يتم اختيار الائمة منذ دخولهم لكليات الدعوة واصول الدين والشريعة والدراسات الإسلامية من خلال اختبارات وقدرات تبين أن هذا الشخص يصلح للعمل الدعوي أو لا
كما يجب أن يراعي في المناهج التدريسية أن يتم الموازنة بين مواد اللغة العربية فالداعية بلا لغة كالفارس بلا سلاح, ولعله من أهم أدوات الداعية الجيد اللغة السليمة المنضبطة, مع تدريس مواد اصول الفقه وعلوم الحديث والتاريخ والسيرة النبوية الصحيحة, وطرق وأساليب الدعوة الحديثة مع تعليمه لغة أجنبية على الأقل.
والحق أن الدعوة بشكل عام تحتاج إلى تكاتف الجميع بداية من الأزهر الشريف الذي لا يدخر جهدا في تبليغ دعوة سيدنا رسول الله بالتعاون مع الأوقاف والتي أري أنه تقوم بدور كبير وفاعل الأن أكثر مما مضى.
كذلك وزارة الثقافة والإعلام والشباب والرياضة وأن لا تقتصر الدعوة على المنبر أو المحراب بل إن الأمة كلها في حاجة لدعوة ومعرفة سليمة لصحيح الدين من خلال القاعات والمحاضرات والشارع والمواصلات العامة والتلفاز!!
ولعل أزمتنا الحقيقية الآن هي أزمة أخلاق وأزمة ضمير.
ولعل اهمس في آذن القائمين على أمر الدعوة في مصرنا الحبيبة أن عشر دقائق غير كافيه للخطيب على الأقل يحتاج لعشرين دقيقة مع تكثيف الدروس خلال أيام الأسبوع
ولعلي أهمس كذلك للقائمين على الأمور في مصرنا الحبيبة أطلقوا أيدى الدعاة الحقيقين الذين شربوا من معين الأزهر والذين لا يعرفون غير الوسطية والاعتدال في مناهجهم وأفكارهم فإن الأمة الآن بحاجة ماسة إليهم
وإن حاجة الوطن لدعاة مستنيرين لا تقل أبدا عن حاجتها لجنود مخلصين يحرسون أمنها ويسهرون على حمايتها.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى