بوعي جاءت الفكرة وللوعي صدرت، 30 عاما مرَّت على مطبوعة “عقيدتي”، هذه الجريدة الغرّاء التى تأسَّست وصدَرت في أوقات بالغة الصعوبة والشدّة في تسعينيات القرن الماضي -حيث ضربت البلاد وقتها موجات خطيرة من التطرّف والإرهاب-؛ وفي الموعد انطلقت “عقيدتي” بفكر مستنير واع لتكون منبرا صحفيا بالغ الأهمية لنشر الوعي والفكر الديني الوسطي وتصحيح الأفكار المغلوطة ومواجهة الفتاوى الشاذّة والمضلّلة ودُعاة التطرّف والإرهاب.
على درب الصحافة القومية الوطنية سارت “عقيدتي” متسلِّحة بمفاهيم العلم الصحيح والفكر الوسطي المعتدل، تُعلى من قدر التسامح وإعمال العقل والوطنية ومحاربة الفتن وأصحابها ومواجهة الحُجَّة بالحُجَّة والمنطق والدليل والسند، وكصحافتنا القومية الكبرى كانت “عقيدتي” حاضرة وعلى مدار السنوات الماضية تحتضن قضايا الدين والوطن وأولوياته، وتُسهم إسهاما كبيرا وإيجابيا في مختلف المجالات النقاشية والتوعوية والدينية بكتائب متميّزة من المحرّرين المتخصّصين أصحاب الفكر والرأى.
نحتفل اليوم بالعيد الثلاثين للجريدة، التى تطوّرت كثيرا لتواكب تطلّبات عصر التكنولوجيا فائق السرعة ولا تزال تسعى؛ فالوصول للعقول واستهدافها اليوم ووسط هذه التكنولوجيات التى نعيشها الآن لن تنتظر الصحافة المطبوعة فقط، ومن هنا كانت أهمية انطلاقة “عقيدتي” بموقع إلكتروني وعلى صفحات السوشيال ميديا، وتبع ذلك تطويرٌ كبيرٌ في المحتوى الصحفي المُقدَّم لقارئ النسخة المطبوعة وإلكترونيا وطريقة التناول بأسلوب واضح مبسّط مستندا على معلومات وحقائق من مصادرها الموثوقة.
نجحت “عقيدتي” على مدار الفترات السابقة وحتى اليوم في بناء شراكات وجسور ثقة مع وزارات الأوقاف والشباب والرياضة والتربية والتعليم والأزهر الشريف وغيرها من الجهات والهيئات، وتم إطلاق مئات الندوات والمبادرات والفعاليات في المساجد والمدارس ومراكز الشباب، مُستهدفين معا خدمة الدين والوطن بتشكيل الوعي والإسهام بفاعلية في تصحيح الأفكار المغلوطة وإنقاذ العقول المُشَوَّشة ونقل صورة الإسلام الصحيحة والإعلاء من صوت الاعتدال والوسطية والخطاب الديني المستنير، والتواصل بفاعلية ونجاح مع الشباب أمل الأمّة ومستقبلها.
لم تنته المهمة ولم تكتمل الرسالة؛ فاليوم نعيش عصر السوشيال ميديا بسلبياته التى خطت حدودا خطيرة ما يتطلّب عملا مضاعَفا وجهدا أكبر من “عقيدتي”- وهي قادرة على ذلك إن شاء الله- للمساهمة بفاعلية مع الجهات الدينية المعنيّة في مواجهة دُعاة التطرّف والإرهاب وفوضى الفتاوى الشاذّة التى تملأ ساحات السوشيال ميديا، وكذلك المتابعة الواعية لكل المستجدَّات والقضايا والملَفَّات التى تهم وتشغل جموع الشعب المصري ومناقشتها بعناية وعلى أُسس علمية ودينية سليمة.
الوعي وبناء الإنسان.. قضية منحها فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي أهمية ورعاية خاصة، وتظهر ضرورتها الحتميّة في مثل هذه الأوقات التى تكثُر فيها الأقاويل والشائعات والتى تستهدف- بقصد أو بدون- أمن واستقرار الأوطان، ويأتي الدور البارز والمتصاعِد للصحافة القومية المصرية كأداة رئيسية للتنوير والتثقيف ومواجهة المعلومات المضلّلة بالحقائق الدامغة، والتفاعل مع المواطنين وخاصة الشباب ومتابعة قضايا الشارع على أرض الواقع.
خالص التهاني القلبية لرئيس تحرير عقيدتي وصحفييها وجميع العاملين بها، والتهنئة موصولة لمؤسّسة دار التحرير للطبع والنشر وقياداتها وجميع العاملين بها بالعيد الثلاثين لـ”عقيدتي”، متمنّياً من الله دوام التقدّم والرُقِي والتطوّر والازدهار. وكل عام وأنتم بخير.