جلسات الأهل والأصحاب والزملاء لا تترك لحوار قانون الأحوال الشخصية أن يمر بعيدا عن تلك الجلسات. الكل يجد شهيته منفتحة للكلام حول هذا القانون المزمع إقراره، وفى إحدى الجلسات التى حضرتها فى احدى القرى دار الحوار على القانون ولم أجد شخصا واحدا أحجم عن الكلام! الكل رغبته عارمة للإدلاء بدلوه بالكلام!
ولكن فى هذه الجلسة ظل شخص واحد غشاه الصمت ظننت انه فى واد والمصريون فى واد آخر! حتى أشرفت الجلسة على الانتهاء وحاولنا أن ننفض عن كاهلنا همّ الموضوع ببعض الفكاهة! إلا أن هذا الرجل الذى قطع علينا الضحك ليجدد فينا التفكير فى القانون، وقال- وعلى وجهه إبتسامة وكأن الأمر سوف يرفع من قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار-: أنتم زعلانين ليه من القانون وما الذى يغضبكم من بعض بنوده؟! الامر سهل وجميل وفيه مصلحة لكم ولأولادكم.
الكل استرجع قعدته وجحظت الأعين وحضّر كل منا ردّه على هذا الكلام، وتركناه يستطرد: انتم يا سيادة الآباء حينما عقدتم عقد قران الأولاد كتبتم عند المأذون (كلمة المسمّى بيننا هروبا من الرسوم، واستبدلتم ذلك فى القائمة، وهى العقد المتعارف بينكم، هذا يعنى ان هناك قوانين وضعتها الدولة كى تحمى أولادكم وأنتم استحدثتم خروقات وأنتم أحرار فى ذلك، وهذا ما سيتم فى المستقبل، الدولة وضعت قوانين منظِّمة لعقد الزواج قد يكون فيه إجحاف وكونه قانون تحميك الدولة عند تطبيقه، وسوف يستحدث الناس قريبا ما يخرجهم من هذه الحماية، قلنا: كيف؟ قال: سيتم عقد القران وإشهاره مثلا فى المساجد أمام أهل البلد دون مأذون، ويتم نسخ عقد بين الزوج والزوجة يشترط فيه كل من الأسر ما تريده، نعم الدولة لن تعترف به ولا المحاكم ولكن المحاكم ستعترف بالقائمة أو الشيكات التى سيمضيها العريس.
كما أن الدولة ستعترف بالأولاد وتستخرج لهم شهادات الميلاد. وبهذا نكون ريّحنا الدولة والقضاء والأسر والازواج. ونكفى الدولة شرّ الهرى المستمر بيننا.
ألجمنا هذا الرجل البسيط بكتابة هذا السيناريو الذى يعجز إبليس أن يكتبه.