من أهم الأمور التي ترهق كثيرا من الناس، وتجعلهم في صراع دائم مع الحياة، مسألة الكسب، وحرص كل واحد على أن يكون ثريا غنيا جامعا للأموال، متملكا للعقارات والأطيان، راكبا لأرفه السيارات….. الخ من متع الدنيا وملذاتها، وفي سبيل تحقيق ذلك يسعى لجمع الأموال بكل الوسائل حلالها وحرامها، الأمر لا يهم طالما الرصيد في البنوك في زيادة، والعمارات والأطيان في توسع وكثرة، وقد أخبرنا الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأنه سيأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ، أمن الحلال أم من الحرام.
وهؤلاء الصنف من الناس، قال عنهم رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – ” من كانت الدنيا نيته جعل الله فقره بين عينيه ( أي: يظل خائفا من الفقر مهما كثر ماله) ، وشتت عليه ضيعته ( أي: يأتيه كسبه بعد عنت ومشقة)، ولن يناله منها غير ما كتب له.
ويقول عن الذين يعدون الدنيا مجرد قنطرة يعبرون من خلالها إلى الآخرة، وأنها لا تزيد عن أن تكون زادا يتزودون به للآخرة، فيقول – صلى الله عليه وسلم – ” ومن كانت الآخرة نيته، جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه ضيعته، وجاءته الدنيا وهى راغمة”.
ولكي يزداد الناس اطمئنانا إلى أن رزقهم سيأتيهم سيأتيهم لأنه هو الذي يطلبهم وليس – كما يظنون – أنهم يطلبونه، فقال – صلى الله عليه وسلم – “إن العبد يطلبه رزقه كما يطلبه أجله” فكما أن العبد يطارده الموت، فإن رزقه أيضا يطارده ليصل إليه، بل إنه يسبق الموت في مطاردته للعبد، لأن الله يقول في حديثه القدسي:” لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وإن أبطأ عليها…”.
وإن العبد عندما يبلغ أجله، وتأتي لحظة موته، يقول له ملك الموت قبل أن يقبض روحه: ” طفت لك المشارق والمغارب فلم أجد لك فيها من رزقك لقمة عيش تأكلها، وطفت لك المشارق والمغارب فلم أجد لك فيها من رزقك شربة ماء تشربها”.
فلو علم طلاب الدنيا أن رزقهم آتيهم آتيهم، لما استعجلوه بالغش والتدليس والنهب والسرقة ، وأي وسيلة من الرزق الحرام.