الوطن هو الأرض التى نشأنا وتربينا عليها وعلى خيرها، وهو أهلنا وأمننا وملاذنا وذكرياتنا وهو الحصن الذى ضمنا، والمعلم الذى علمنا، الوطن هو كل ما فينا من قيم ومعان نبيلة.
ولا يكفى فقط أن نتغنى بحب الوطن والانتماء إليه، بل إن له علينا حقوقاً مفروضة لابد أن نوفيها، وإلا كنا مقصرين ومفرطين، بل وخائنين لكل هذه القيم وتلك المعانى التى يمثلها الوطن.
وأول هذه الحقوق أن ندافع عنه بكل ما نملك وإن بذل الإنسان روحه فى سبيل وطنه فهو شهيد كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «ومن مات دون وطنه فهو شهيد».
وثانى هذه الحقوق أن نرد للوطن ما قدمه إلينا وأن نتفانى فى بذل الجهد من اجل تقدمه ورخائه، وأن لا تكون مصالحنا الفردية مقدمة على مصالح الوطن، فإن مصالح الوطن العليا لا تتعارض مع المصالح الفردية، بل هى فى جوهرها مصالح ذاتيه، فالحق أن حب المرء لوطنه هو حب لذاته ودفاعه عن وطنه دفاع من ذاته ومصالحه الشخصية.
ومن هذه الحقوق أن نحافظ على أمنه وسلامته وألا نعرضه للفتن والاضطرابات وألا نستمع للاشاعات المغرضة من هنا أو هناك والتى يحاول مروجوها النيل من الوطن والتى تعرض أمن الوطن ونظامه للخطر والبلبلة.
من هنا أوجد الإسلام حد الحرابة ليكون رادعاً لكل من تسول له نفسه الخروج على القانون والاعتداء على النظام وبث الاشاعات والفرقة بين ابناء الوطن.. فقد أغلظ الله لهم الوعيد وجعل عقابهم شديداً لأنهم عرضوا الناس للفوضى فقال تعالى:«إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم».
إن صيانة النظام الاجتماعى وحراسة الفضيلة أمر مهم أولاه الإسلام عناية كبيرة بما شرع له فى كتاب الله وسنة رسوله من نظم فى شتى المجالات فى المعاملات والأخلاق وفى العبادات.
إن الوطن بحاجه إلى توحد الجهود من كل أبناءه جميعاً وعدم الاستماع إلى الاشاعات من هنا أو هناك.. ولا سبيل إلى الوحده والقوة إلا بتعميق قيمة الانتماء لهذا الوطن ورعاية حقوقه المفروضه والاقتناع تماماً، بأن هذا فيه خير للأمة كلها فعلينا أن نتوحد جميعاً ونكون صفاً واحداً فى وجه كل من تسول له نفسه أن ينال من أمن الوطن ووحدته وقوته وعزته وسعيه إلى التقدم والرخاء.
>>>
قال تعالى
«هُوَ الَّذِى يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ».
صدق الله العظيم
سورة غافر (١٣ ــ ١٤)