ألقى معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف كلمة في افتتاح مسابقة بورسعيد الدولية للقرآن الكريم بحضور معالي الأستاذ الدكتور/ أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، وسيادة اللواء/ عادل الغضبان محافظ بورسعيد، وأ.د/ أيمن محمد إبراهيم رئيس جامعة بورسعيد، والسفير/ حاتم حسوبة مساعد وزير الخارجية، والدكتور/ محمد عزت أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والشيخ/ جمال عواد مدير مديرية أوقاف بورسعيد، ونيافة الأنبا /تادرس مطران بورسعيد وتوابعها، والمحكمين والمتسابقين في المسابقة.
وخلال كلمته أكد أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن الكمال لله (عز وجل) وحده، ولكلامه، ولكتابه العزيز، فهو كتاب الكمال والجمال لغة وأسلوبًا ومعنى، فالجمال والكمال يتدفقان منه تدفقًا لا حدود له ولا شاطئ له.
فهو الكلام الذي يهجم عليك الحسن منه دفعة واحدة، فلا تدري أجاءك الحسن من جهة لفظه، أم من جهة معناه، فلا تكاد الألفاظ تصل إلى الآذان حتى تكون المعاني قد وصلت إلى القلوب.
وهو أصدق الحديث، وأحسنه، وأعذبه، وأزكاه، وأبينه، وأبلغه، وأفصحه، وأجمله “وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا”، “وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا”.
من قال به صدق، ومن حكم به عدل، لا يشبع منه العلماء، ولا تنقضي عجائبه، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه حيث يقول الحق سبحانه: “وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ”، لم تلبث الجن إذ سمعته أن قالوا: “إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا”, وما أن سمع أحد الأعراب قوله تعالى: “وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ”, حتى انطلق قائلًا أشهد أن هذا كلام رب العالمين لا يشبه كلام المخلوقين، وإلا فمن ذا الذي يأمر الأرض أن تبلع ماءها فتبلع، ويأمر السماء أن تقلع عن إنزال الماء فتقلع؟ إنه رب العالمين ولا أحد سواه.
القرآن شفاء ورحمة، حيث يقول سبحانه: ” وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ”، وهو نور مبين، حيث يقول سبحانه: ” وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا”، وهو أحسن القصص، حيث يقول سبحانه: ” نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ”، وأحسن الحديث، حيث يقول سبحانه: “اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ”، ويقول سبحانه: “فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ”، ويقول سبحانه: “أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ”.
لقد أوصى ديننا الحنيف بإكرام أهل القرآن، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “إنَّ من إجلالِ اللَّهِ إِكرامَ ذي الشَّيبةِ المسلمِ وحاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيهِ والجافي عنْهُ وإِكرامَ ذي السُّلطانِ المقسِطِ”، فلا يكرم أهل القرآن إلا كريم.
ومن ثمة فإننا نوجه أولًا الشكر لله (عز وجل) أن جمعنا على مائدة القرآن الكريم، ثم نحص بالشكر سيادة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية لإكرامه الدائم وحرص سيادته على تكريم أهل القرآن، كما نتوجه بالشكر لمعالي الدكتور المهندس/ مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء على تفضله برعاية هذه المسابقة، وللسيد اللواء/ عادل الغضبان محافظ بورسعيد وجميع القائمين على هذه المسابقة التي يحرصون على تطويرها عامًا بعد عام، لتسهم بوضوح في إكرام وتكريم أهل القرآن والتشجيع على حفظه وتلاوته وفهم معانيه.
كما أهنئ المتسابقين جميعًا فجميعهم بفضل الله (عز وجل) فائزون، وأهنئ أسرهم وأبشرهم بقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “مَن قرَأَ القُرآنَ وعَمِل بما فيه، أُلبِسَ والِداهُ تاجًا يومَ القيامةِ ضوءُه أحسَنُ مِن ضوءِ الشَّمسِ في بيوتِ الدُّنيا لو كانتْ فيكم، فما ظنُّكم بالذي عَمِل بهذا؟”، وبشرى أخرى أزفها لأوائل المتسابقين ولجميع الحفظة وبخاصة النوابغ وأصحاب الصوت الحسن، لقد أنشأنا بالفعل في وزارة الأوقاف إدارة خاصة لرعاية المواهب والنوابغ في حفظ القرآن الكريم وفن الابتهال الديني وفنون الخطابة رعاية متكاملة، مؤكدين على ترحيبنا بانضمام أوائل هذه المسابقة إلى من ستقوم الإدارة برعايتهم بما يتسق مع جوانب نبوغهم ويعمل على مزيد من تنميتها ونحن معهم بإذن الله إلى آخر مدى، خدمة لديننا ووطننا ووفاء بواجبنا تجاه القرآن الكريم وأهله الذين هم أهل الله وخاصته.
أسأل الله العلي العظيم لنا ولكم ولمصرنا العزيزة كل التوفيق، وأهنئكم جميعًا بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج تلك المعجزة الثابتة الراسخة في وجداننا، سائلًا الله (عز وجل) أن يجعل هذه الأيام المباركة وتلك المسابقة العظيمة طالعة خير ويمن وبركة على مصرنا العزيزة وسائر بلاد العالمين، وأن يبلغنا وإياكم رمضان بكل خير.