يكثر السؤال عن الصيام في شهر شعبان، ما المشروع منه وما المكروه؟ لاسيما أنه قد ورد عن أبي سلمة، أن عائشة رضي الله عنها، حدثته قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله ”
وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت:” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان ”
وعن أبي سلمة، قال: سألت عائشة رضي الله عنها، عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت:” كان يصوم حتى نقول: قد صام ويفطر حتى نقول: قد أفطر، ولم أره صائما من شهر قط، أكثر من صيامه من شعبان كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا ”
قال ابن رجب:” قيل في صوم شعبان: إن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط. ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن.
ومن خلال ما تقدم يمكن القول:إن شعبان يندب فيه الصوم وسائر العبادات الأخرى اقتداء بالمعصوم عليه الصلاة والسلام، فيشرع للمسلم أن يصوم فيه على النحو الآتي:
1 – أن يصوم الشهر كله، لكونه شهر الغفلة لدى كثير من الناس، ولكونه ترفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل، لذا كان النبي عليه الصلاة والسلام كما ورد في بعض الروايات يصومه كله.
2 – أن يصوم في شعبان يوم يوما ويفطر يوما، كصيام داود عليه الصلام، لما ورد أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:” خير الصيام صيام داود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما ”
3 – يجوز أيضا للمسلم أن يصوم فيه الاثنين والخميس من كل أسبوع.
4 – يجوز أيضا للمسلم أن يصوم الأيام البيض منه الثالث عشر والرابع عشر، والخامس عشر.
والصوم على هذا النحو له فضل عظيم عند الله عز وجل فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” لا يصوم عبد يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً ”
وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله مرني بعمل ينفعني الله به قال: “عليك بالصوم فإنه لا عدل له “وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: “عليك بالصيام فإنه لا مثل له” وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” من خُتم له بصيام يوم دخل الجنة ”
الصيام المنهي عليه في شعبان:
1 – يكره للمسلم أن يبتديء صيام النفل في النصف الثاني من شهر شعبان، لما ورد أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:” إذا انتصف شعبان فلا تصوموا ” وفي رواية:” إذا انتصف شعبان فلا صيام ”
2 – يكره للمسلم أيضا أن يتقدم رمضان بصيام يوم أو يومين لما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تقدموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه”) وذلك حتى لا يشتبه بالفرض ما ليس منه، وحتى لا تضعف همه المسلم عن أداء الفرض في رمضان على النحو الأكمل.
3 – يكره أيضا صوم يوم الشك، وقيل: يحرم، لما رواه البخاري وأبو داود والنسائي والترمذي عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه قال من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، ولما روي عن صلة بن زفر قال: كنا عند عمار بن ياسر فأتى بشاة مصلية فقال: كلوا، فتنحى بعض القوم فقال: إني صائم فقال عمار: من صام اليوم الذي يشك به الناس فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
محل الكراهة السابقة:
– يتأتى النهي في الأحوال الثلاث السابقة فيمن لم يصم من أول الشهر، ولم يكن له حال مع الله عز وجل من أول شعبان، فهذا هو الذي تيأتى في حقه النهي المشار إليه، أما من بادر بالصيام من مطلع شعبان فصام الشهر كله ومنه يوم الشك، أو كان يصوم يوما ويفطر يوما فوافق يوم صومه يوم الشك، فهذا لا نهي، ولا كراهة في حقه، وكذا من كان يصوم الاثنين والخميس، فوافق يوم صومه يوم الشك، فلا كراهة أيضا في حقه.
– أيضا يتأتي محل الكراهة فيما سبق ذكره فيمن كان يصوم النفل لا الفرض، أما من صام بعد انتصاف الشهر، أو قبل رمضان بيوم أو بيومين، أو صام في يوم الشك، صوم فرض من رمضان السابق، أو صوم كفارة، أو صوم نذر، فقضاه في هذه الأيام، فكل ذلك جائز ولا كراهة فيه، حيث يجوز شرعا قضاء الصوم الواجب في هذه الاوقات، بخلاف صيام النفل المطلق فهو محل النهي والكراهة السابقة.
حفظ الله مصر** حفظ الله الجيش