كلَّ يومٍ يمُرُّ على مِصرنا الحبيبة يؤكّد أنها لم ولن تنس أبناءها الذين قدَّموا أرواحهم أو بذلوا أغلى ما يملكون من دماء وجَهد وعَرَق، والتاريخ خير شاهد ودليل على هذا الإخلاصِ والوفاءِ “المصرى” تجاه المُخْلِصِين والأوفياء من أبناء الوطن، فما من مناسبة أو ذكرى وطنية أو قومية أو دينية إلا ويتم فيها تكريم عدد من هؤلاء الأبطال الذين أخلصوا وتفانوا ولم ينتظروا من أحد شكرا ولا ثناء، إنما انتظروه من العلى القدير جلَّ ثناؤه، فجاءهم التكريم فى الدنيا من “أُمّ الدنيا”، وينتظرهم أعظم وأفضل تكريم من خالق الوجود كلِّه سبحانه وتعالى، يوم العرض عليه.
وأحدث هذه التكريمات، ما قام به الرئيس عبدالفتاح السيسى- هذا الأسبوع- من تكريم عددٍ من أبناء سيناء الذين واجهوا حرب الإرهاب واكتووا بنارِ التطرّف وجماعات الإرهاب والتكفير، وهم: إسراء أمين حمدي- بمكتب خدمة المواطنين بمستشفى العريش العام- خليل حماد سلمان- بقطاع كهرباء الشيخ زويد- شربات صبحي فرج- مديرة دار رعاية الأيتام بالعريش- د. أحمد منصور عبدالفتاح- مدير مستشفى العريش العام- وسام عبدالهادي حمدان- مديرة مدرسة عمرو بن العاص الابتدائية- د. تامر حمدي أحمد، مدير مستشفى بئر العبد النموذجية.
وبجانب هذا التكريم قام الرئيس السيسى، بتَفَقُّدِ اصطفاف المُعِدَّات المشاركة في تنفيذ خطّة الدولة لتنمية وإعمار سيناء، هذه البقعة المُباركة من أرض الكنانة، والتى حظيت بالتكريم الإلهى من فوق سبع سموات، بما لم تحظ به بُقعة أرضيّة أخرى- غير مكّة المُكرّمة والمدينة المنوّرة- ويكفيها شَرَفًا وعِزًّا أن خلَّد القرآن الكريم اسمَها، كما كرّمها أبناء مصر المُخلصين على مدار تاريخها الممتد فى أعماق تاريخ الكون، حتى صارت “أرض الأديان” فعلى ثراها عاش وصار عددٌ كبيرٌ من الأنبياء، منهم: موسى، هارون، شُعيب، يوسف، أيوب، عيسى- عليهم جميعا الصلاة والسلام- وكذا عددٌ أكبر من الصالحين والأولياء، ومنهم: السيدة مريم العذراء، يُوسف النجَّار، الخِضْر، وجميع الصحابة والتابعين طليعة فتح مصر وإلى يومنا هذا.
ولهذا الوضع الخاص والمميَّز لـ”أرض الأنبياء والأولياء”، نجدها تعيش وتشهد حالة خاصّة من الدعم والاهتمام من الدولة المصرية الحديثة، حيث حصلت على نصيب الأسد من خطط التنميّة والإعمار، فإذا كانت سيناء تُمثِّل حوالى ثُلُثَ مساحة مصر جغرافيا، وهى مستودع الأديان، وكَنز الثروات النفيسة- معدنيّة وسياحيّة وطبيعيّة- إلا أن ما ينتظرها فى المستقبل القريب جدًّا- إن شاء الله- سيجعل منها “دُرَّة الشرق”، ليعوِّضها عن السنوات العِجاف، ويحوِّلها من الصحراء الجرداء الطاردة للسكّان، إلى جنَّة وارِفة الظلال، يتشوّق الجميع لزيارتها بل الإقامة فيها، بعد أن سعى المُخرِّبون لجعلها بؤرة لإرهابهم ومُنْطَلَقًا لتدمير مصر والعالم العربى بل العالم أجمع.
وهكذا تمتد “يدُ مصر الجديدة” لتربِط- وتَرْبِت- على قلوب وأكتاف أبنائها، فى حربِهم وسِلْمِهم، وتشدَّ من أزرهم، وتؤكد لهم أنها دائما وأبدا معهم أينما كانوا، ولم ولن تتخلى عن أحدهم، فى أى مكان كان، وأنها لم ولن تنس إخلاصهم وتفانيهم، أو كما قال تعالى فى سورة الرحمن: ” هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ” (آية 60).