سيظل يوم التاسع من مارس كل عام هو يوم خالد ومن أعظم الأيام خلودًا فى تاريخ وطننا العظيم.. وهو يوم الشهيد.. ذلك اليوم الذى استشهد فيه الفريق عبدالمنعم رياض ــ رئيس أركان حرب القوات المسلحة أثناء تواجده على الجبهة بين أبنائه من أبطال حرب الاستنزاف.
واحتفال مصر بهذه الذكرى كل عام وحرص السيد رئيس الجمهورية على الحضور وتكريم الشهداء وأسرهم رسالة عطرة دالة على عدم نسيان أسر الشهداء والمصابين مهما مر عليهم من عقود من الزمن.
واحتفالنا بهذه الذكرى لنذكر الأجيال الحالية والقادمة بهؤلاء الأبطال الذين قدموا الغالى والنفيس لهذا الوطن العظيم ويكفى أنهم ضحوا بأعز ما يملكون وهى أرواحهم لنعيش نحن فى أمن وأمان.
والله سبحانه وتعالى ضمن للإنسان حقوقًا يعيش بها آمنًا مطمئًا على نفسه وماله وعرضه ودينه وشرفه وعقله ويتمتع بما خوله الله له من نعم فى وطن عزيز لا يتحكم فيه غاشم ولا يزعزع أمنه عدو وظالم، وخول له حق الدفاع عن هذه الحقوق وصياغه هذه المقدسات وضمن له شرفًا ومنزلة عالية إن قدم روحه فداء لها.. فأعطاه لقب الشهادة التى هى جواز المرور من حياة المعاناة إلى حياة خالدة بجوار الله تعالى فى مقعد صدق عند مليك مقتدر.
وأعظم ما تكون الشهادة شرفًا إذا كانت لإعلاء كلمة الله والدفاع عن الوطن، والأرض والعرض، وذلك هو الجهاد فى سبيل الله الذى تنزلت فيه الآية الكريمة: «وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون» (آل عمران: ١٦٩ ــ ١٧٠).
وسبيل الله هو الحق والعدل والأمن والاستقرار وجميع القيم التى جاء بها الدين لاسعاد الفرد والمجتمع فى حياته والاستشهاد فى سبيل هذه القيم شرف لا يعدله شرف.. فقد سجله سبحانه وتعالى فى أوثق السجلات وأخلدها حين قال سبحانه: «إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون».. ويروى البخارى عن أم حارثة بن سراقة الذى استشهد فى معركة بدر، سألت الرسول صلى الله عليه وسلم عنه إن كان فى الجنة أم لا.. فقال لها: يا أم حارثة إنها جنان فى الجنة وأن ابنك اصاب الفردوس الأعلي».
بهذه النصوص وغيرها خاض المسلمون الأوائل معارك خلدت آثارها فى التاريخ وبفضل الشهداء صدت هجمات الفرس والرومان وغارات التتار والصليبيين وما يحدث اليوم على أرض سيناء الحبيبة التى طهرها أبطالنا وشهداؤنا الأبرار من الإرهابين المارقين هو أسمى جهاد فى سبيل الله، والذين سقطوا صرعى فى هذه الميادين من أبناء الوطن لم يموتوا فآثارهم باقية حية تخلدهم فى جوار الله ينعمون بحياة أرقى وأبقى من هذه الحياة.
حيا الله شهداءنا الأبرار.. وتحية من القلب لخير أجناد الأرض الذين يواصلون الليل بالنهار لحظ أمن وأمان واستقرار الوطن والدولة المصرية لم ولن تنسى شهداءنا الأبرار وستظل اسماؤهم محفورة بحروف من نور فى الذاكرة عبر الزمن تتذكرها الأجيال جيلاً بعد جيل لرجال ضحوا بأرواحهم لكى يعيش الوطن فى عزة وكبرياء وشموخ.
وختامًا:
قال تعالي:
«وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقْتَلُ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَٰتٌ بَلْ أَحْيَآءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ».
(البقرة: آية (١٥٤).