على كل مسلم أن يعد نفسه ويجهزها ويؤهلها لاستقبال ضيف كريم، هو شهر رمضان.. شهر النفحات والرحمات والخيرات، وأول شئ نستقبل به الشهر الكريم: التوبة النصوح، التى تغسل ذنوبنا، وتطهر قلوبنا، يقول تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ..” [التحريم: 8]، ولا يقبل الله إلا التوبة النصوح، الخالصة الصادقة الجازمة التي تمحو ما قبلها من السيئات، يقول ابن كثير: ولهذا قال العلماء: التوبة النصوح هي أن يُقلعَ عن الذنب في الحاضر، ويندمَ على ما سلف منه في الماضي، ويعزِم على ألا يفعل في المستقبل، ثم إن كان الحق لآدمي ردّه إليه.
ومن أهم ما ينبغي أن يهتم به المؤمن في استقبال رمضان، هو تأهيل نفسه وقلبه لاستقبال النفحات الربانية في هذه الأيام الطيبة المباركة، وأهم ما في ذلك أن يزيل كل واحد منا موانع الرحمة والمغفرة، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: “ثَلاثَةٌ لا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَرْفًا وَلاَ عَدْلا: عَاقٌّ، وَمَنَّانٌ، وَمُكَذِّبٌ بِالْقَدَرِ”، وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو – رضي الله عنهما – عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: “لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنَّانٌ، وَلاَ عَاقٌّ، وَلاَ مُدْمِنُ خَمْرٍ”، فينبغي أن نزيل هذه الحجب ونتخلص من هذه الموانع التي تمنع عنا فضل الله عز وجل ونحن مقبلون على هذا الشهر الكريم، فالمحروم حقًا من يحرم فضل الله تعالى في هذا الشهر الكريم.
ومن أعظم ما يتقرب به الصائم إلى الله تعالى أن يؤدي كلٌ منا عمله المنوط به على أكمل وجه متقنًا له كأحسن ما يكون الإتقان مراقبًا لله تعالى، ويتعامل مع من يتعامل معه بكل حب واحترام وتقدير ولا يتأفف ولا يتكاسل ولا يضجر بحجة أنه صائم.
وفى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار الجنونى، علينا أن نتمثل خلق رسول الله سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذى كان أجود من الريح المرسلة فى شهر رمضان الكريم، فعلى كل منا أن يبذل من الخير على قدر استطاعته تخفيفا عن الفقراء، ولا يستح أحدنا من إعطاء القليل، فإن المنع أقل منه، ونسأل الله القبول والإخلاص فى القول والعمل.