سويعات قلائل ويرحل عنا شهر التقوى والإيمان، الصيام والقيام والقران، الرحمة والمغفرة، التزاور وصلة الرحم، الجود والكرم، وكل شئ جميل، رَبِحَ فيه من رَبِحَ، وإن شاء الله نكون جميعا من الرابحين، ونفوز بالجائزة الكبرى التي أعدّها الله تعالى لعباده الفائزين، ونفرح بعيد الفطر المبارك الذى جعله اللهُ ورسولُه لنا فرحا وسعادة على ما وفَّقنا فيه للعبادة والطاعة طوال هذا الشهر الكريم.
ومن أهم مظاهر الفوز- بل ثمار نجاحنا فى هذا الاختبار الرمضانى- أن تتغيّر حياتنا عما كانت عليه قبل دخول هذا السباق الرمضاني، وتصبح أكثر قُرْبًا وطاعة لله ورسوله، التزاما بالأوامر واجتنابا للنواهى، وإلا فلا فائدة من صيامنا وقيامنا ولا حتى قرآننا الذى حفظناه وتلوناه، فالثمرة والنجاح الحقيقى هو أن تتغيّر حياتنا للأفضل، خاصةً في معاملاتنا مع غيرنا، ونكون صورة حسنة وقدوة تُحتذى بها.
أما أن نكون، ونِعْمَ الخَلْق والأخلاق الحميدة فى رمضان، ثم نتغيّر ونتحوّل ٣٦٠ درجة بمجرّد رحيل رمضان، فحينئذ نكون عبادا رمضانيين ولسنا ربَّانيين! ونعوذ بالله أن نكون كذلك.
والفرصة مازالت مستمرة لنلحق بركب الربَّانيين، وننزل من قطار الرمضانيين، فى أقرَب محطّة، ونعقد العزم والنيّة الصادقة على استمرارنا فى الطاعة والقُرب من الله تعالى، وألا نتقهقر إلى الخلف.
وإذا كان شهر رمضان المبارك قد رحل أو قارب على الارتحال بالفعل، فإن أخلاقه وقيمه يجب أن تظل باقية فينا ما حيينا، فهذا هو النجاح الحقيقى لنا، بأن نحرص على نفس أخلاقياتنا وسلوكياتنا التى التزمناها طوال شهر رمضان المبارك، وليبدأ كلٌّ منَّا صدق النية والتوجه إلى الخالق سبحانه والدعاء له، أن يعيننا على هذا التوجّه والالتزام، فإذا حاولنا ونجحنا حتى فى مجرد 50% أو أكثر، فهذا فى حد ذاته نجاح، ولنسعى لزيادته، وفى كل مرة سننجح فى المزيد، حتى نصل إلى الحياة الآمنة المستقرة، بأخلاقنا ومعاملاتنا التى ندعوا الله أن تكون متقاربة فى الاقتداء سيد الخلق- صلى الله عليه وآله وسلم- وبذا يكون رمضان قد نجح فى تغييرنا وهذا هو البداية الصحيحة لإصلاح أحوالنا، مصداقا لقوله تعالى: “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ” [الرعد:11