بغض النظر عن الأسباب الحقيقية لنشوب صراع عسكرى مسلح ووقوع اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش السودانى، وميليشيا قوات الدعم السريع، منذ يوم السبت الماضى الموافق 15 أبريل الجاري، أستطيع القول بأن هذه المليشيا تحولت من مهام الدعم السريع الموكلة إليها والمكلفة بها من قبل قيادة الجيش السودانى، إلى قوات للخراب السريع وتمزيق السودان الشقيق، والخيانة هى أقل ما يوصف به هذا التحرك المسلح ضد الجيش تلبية لأطماع الحكم وشهوة السلطة، بمجرد امتلاك قوة تغرى على التمكن من مقاليد الأمور فى السودان، بدلا من توظيفها فى القيام بالواجب الدستورى والوطنى والقانونى فى الحفاظ على الأرض وحماية العرض وتأمين الحدود وصون البلاد من التفكك والتقسيم.
ومهما طال أمد هذه الحرب الداخلية فى السودان أو قصر، فلا يوجد منتصر من الفئتين المقتتلتين، والخاسر الأكبر فى هذه المعركة الآثمة هو الشعب السودانى الشقيق الذى سيتجرع مر النتائج بسقوط قتلى وجرحى من المدنيين، وانقطاع المياه والكهرباء والاتصالات فى عدة مناطق فى السودان، منذ اندلاع هذه المواجهات، والخسائر التى يتكبدها أى طرف من طرفى النزاع سواء فى الأفراد أو العدة والعتاد، فهى مخصومة من قوة الجيش السودانى، وتمثل عبئا جديدا وثقيلا على الاقتصاد السودانى المنهار أصلا.
إن النداءات بالاحتكام إلى صوت العقل، لن تجدى مع الفريق أول محمد حمدان، قائدة قوات الدعم السريع، بعد أن فقد عقله بالدخول فى صراع مسلح مع جيشه النظامى المفترض أنه جزء منه، وأصبحت الحرب مفروضة فرضا على الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائد قوات الجيش السوداني، والمكلف شرعا وقانونا ويلزمه الدستور السودانى بالحفاظ على أمن بلاده وصون مقدرات الشعب من أى اعتداء.
وعلى الأمة العربية جميعها سرعة التدخل، لإصلاح ذات البين أو الأخذ على يد الفئة الباغية المنشقة المعتدية إذا اقتضى الأمر، أخذا بقول الحق تبارك وتعالى: “وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ”، وذلك لئلا يطول أمد هذه الحرب، حيث يقدر عدد قوات التدخل السريع المنشقة عن الجيش السودانى بنحو 100 ألف جندي، ولهم قواعد وينتشرون في أنحاء البلاد، وهذا يغرى بالاستمرار فى الاعتداء أملا فى الوصول للحكم، ولذا كلما كان التدخل سريعا لوقف هذه الحرب كان أفضل، والله المستعان.