ساعات قليلة ويحتفل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بعيد الأضحى المبارك، وندعوا الله أن يكون أفضل من سابقه أملا في لطف الله بهذه الأمة التي نرى بأعيننا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها»، فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن»، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: «حب الدنيا، وكراهية الموت».
يا سادة سنن الله الدنيوية لا تحابي أحدا فمن يأخذ بها يتقدم ويسود العالم ولو كان كافرا ملحدا، ولدينا الصين واليابان والهند وكوريا نموذجا عمليا، ومن لا يأخذ بها يتخلف ولو كان مصليا قائما بالليل ومؤديا لكل الفرائض الدنيوية ولكنه نسي أن الدنيا في الإسلام هي مزرعة الآخرة، والعمل وتعمير الأرض في إسلامنا عبادة، بل إن من الذنوب ما لا يكفرها إلا السعي في طلب الرزق الحلال.
ياسادة:علينا أن نهجر المعاصي والكسل والخمول والتواكل والقيل والقال وأن ينشغل كل منا بعيوبه قبل أن يفتش في عيوب غيره، وما أروع قول شيخ الإسلام ابن تيمية “الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة”.
أليس هذا هو الواقع حيث تستقوى علينا دولة من كتب الله عليهم الذلة والمسكنة وقت أن كنا متمسكين بديننا ومطبقين لأحكامه، فإذا بالأوضاع تتبدل بعد تنازلنا عن ديننا فأذلنا الله الذي يسلط على عباده العاصين من لا يرحمهم عقابا لهم علي معاصيهم التي يبارزونه بها ليل نهار.
يكون العيد سعيدا بتنفيذنا لأوامر الله ورسوله، ترك ما نهى الله عنه من سيئ الأعمال والأخلاق والأقوال والمآكل والمشارب المحرمة والنظر المحرم والسماع، كل هذه الأمور يجب هجرها والابتعاد عنها، أن نزيد روح الحب والتعاون والتكافل وصلة الرحم والاجتهاد في العبادة بان لا نكون رمضانيين فقط.
مع الساعات الأخيرة من رمضان واقتراب العيد علينا نفتح صفحة جديدة مع الله ونتوب توبة نصوحا مهما كانت ذنوبنا لأنه سبحانه القائل “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”.
يا سادة: لن ينصلح حال أمتنا إلا بما صلح به حال أولها حيث تمكنوا في سنوات قليلة من ظهور الإسلام من تكوين أكبر دولة في التاريخ لأنه قائمة علي إصلاح الدنيا بالدين ولكننا للأسف أفسدنا دنيانا بسوء فهمنا للدين الذين تحول من جوهر إلي مظهر.
كلمات باقية:
يقول الله تعالى: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا”.