كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الفطر المبارك الذي يحل علينا خلال ساعات قليلة بعد أن انتهينا من صيام شهر رمضان المبارك، لنشكر الله تعالى على أن وفقنا للطاعات والعبادات والصيام والقيام طوال هذا الشهر الكريم، وحتى نحصل على الجائزة من رب العالمين.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الجائزة: “إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطريق فنادوا: أغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم، يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل، لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم، وأمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم، فاقبضوا جوائزكم، فإذا صلوا نادى مناد: ألا إن ربكم قد غفر لكم، فارجعوا راشدين إلى رحالكم، فهو يوم الجائزة”.
نحتفل بعيد الفطر المبارك هذا العام بإدخال الفرحة والسرور على أبنائنا، وقضاء أيام العيد الجميلة في محيط الأسرة، نتزاور ويهنئ بعضنا الآخر، في جو جميل تسوده المحبة والتراحم والمودة والتسامح بين الناس.
فالتواصل بين الناس في عيد الفطر، يؤدي إلى التسامح والتراحم ونشر السلام والوئام والتصالح بين أفراد المجتمع بدلاً من أن يعيش الإنسان في جزر منعزلة، والأعياد أيام مباركات كما قال الله تعالي في كتابه العزيز: “وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ”، كما يجب أيضا أن نصفي قلوبنا من الحقد والكراهية والغل، حتى يتقبل الله منا صالح الأعمال والدعوات في شهر القرآن.
ولا ننس في عيد الفطر المبارك أن نصل أرحامنا وأقاربنا والسؤال عليهم والتزاور والتلاقي امتثالاً لقول الله تعالى: “واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا”، وقول رسول الله: “مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ له فِي رِزْقِهِ، وأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”، فصلة الأرحام تُبارك في الأجل والأعمار وتزيد الرزق.
ورسول الله قال عن الرحم: “إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك”، ثم قال رسول الله: اقرؤوا إن شئتم: “فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ”.
وندعوا الله تعالى في هذه الأيام المباركة أن يغفر لنا ذنوبنا، ويقبل منا أعمالنا وطاعتنا وعبادتنا، وأن يجعل أيامنا كلها رمضان، وأن تظل أخلاقنا الحسنة وسلوكياتنا الجميلة وأفعالنا الخيرية منهاجا لحياتنا، وأن نُحافظ على الطاعات والعبادات وعمل الخير طوال العام، ولا تقتصر على شهر القرآن فقط، فرب رمضان رب كل الأيام والشهور، وكل عام وأنتم بخير.