الأروقة تحصين للشباب من فكر المغرضين وتعليم أزهري وسطي
نملك 1045 رواقا للأطفال والكبار للقرآن الكريم والتجويد يدرس بها 155ألف طالب وطالبة
أنشطة الجامع الأزهر مواصلة لحمل راية العلم الديني الوسطي الذي بدأ قبل 1083 عاماً بمصر
لدينا طموحا كبيرا لمواصلة وتطوير برامجنا الدعوية والتثقيفية في الجامع والأروقة
حوار إيهاب نافع:
كشف فضيلة الدكتور هاني عودة، مدير الجامع الأزهر الشريف، عن أن فكرة إفطار الطلاب الوافدين يوميًّا في شهر رمضان الفضيل لم تبدأ هذا العام وبدانا العام الماضي في 10 رمضان وافطر نحو 3000 وافد يوميا استفاد منها 60 ألف وافد خلال الشهر العام الماضي، أما هذا العام فوصلنا لما يزيد عن 150 ألف وجبة إفطار في الجامع خلال شهر رمضان .
أضاف في حواره لعقيدتي:نتلقى طلبات عديدة لإنشاء أروقة بالمحافظات وهو ما يعكس نجاح الفكرة والتفاعل معها، ونملك 1045 رواقا للأطفال والكبار للقرآن الكريم والتجويد يدرس بها 155ألف طالب وطالبة، قدمنا 150 ألف إفطار بالجامع .. والمصريون يحبون الأزهر واحتفوا بذكراه، وأنشطة الجامع الأزهر مواصلة لحمل راية العلم الديني الوسطي الذي بدأ قبل 1083 عاماً بمصر، ولدينا طموح كبير لمواصلة وتطوير برامجنا الدعوية والتثقيفية في الجامع والأروقة.
فضيلة الدكتور بداية نشد على أياديكم لهذا الجهد الطيب للجامع الأزهر الشريف في رمضان .. لكن من أين كانت بداية هذه الأفكار الجديدة للخطة التي جرى تطبيقها هذا العام؟
إن فكرة إفطار الطلاب الوافدين يوميًّا في شهر رمضان الفضيل لم تبدأ هذا العام، فبرعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وإشراف فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، ، وجّه فضيلة الإمام الأكبر بتنظيم مبادرة إفطار جماعي للطلاب الوافدين بالجامع الأزهر، وذلك بتنظيم 3000 وجبة غذائية متكاملة يوميا خلال شهر رمضان الماضي، ضمت مكوناتها جميع المعادن والعناصر التي يحتاج إليها الجسم، حيث بدأت في يوم 10 رمضان وحتى آخر الشهر ليستفيد منها 60000 طالب وافد، وهي رسالة اهتمام خاص بالطالب الوافد وتخفيف الغربة عنه إحساسه بأنه بين أهله ،وتعبير عن مدي اهتمام الأزهر بالجانب النفسي والاجتماعي والترفيهي من كل الجوانب والتي من شأنها ان تدعم الربط بين ما يتعلمه والواقع المعاصر للطالب الوافد بما يهيئ البيئة العلمية المتكاملة.
إفطار 5 آلاف وافد
لكن كيف كان التمويل لإفطار ما يزيد عن 5000 آلاف صائم يومياً في رمضان؟!
وحرص فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر، هذا العام بتفعيل هذه المبادرة بعدد أكبر من الوجبات، حيث وجّه فضيلته بتجهيز الأماكن المتاحة بساحات وأروقة الجامع الأزهر لاستضافة 5000 طالب وافد يوميا بواقع 150000 طالب طوال أيام الشهر الفضيل من الذكور والإناث ضمن سلسلة خطوات يتبعها الطالب الوافد للحصول على وجبة ومكان مخصص له، تبدأ بالتسجيل بجواز السفر على بوابة الأزهر الإلكترونية لحجز رقم ومكان وباركود.
ومن جانبها وجهت الإدارة العامة للجامع الأزهر الشريف باحثيها وجميع العاملين بها يوميا بمتابعة إجراءات التسجيل ومسح الباركود الخاص بكل طالب وتنظيم أماكن الجلوس والمساعدة في تجهيز الوجبات والتواجد بين الطلاب لرصد أي سلبيات والتعامل الفوري مع أي حدث.
وحرصا من فضيلة الإمام الأكبر على الطلاب المصريين، وجّه فضيلته بتنظيم 2000 وجبة إفطار للطلاب غير المقيمين بالمدن الجامعية؛ وذلك تيسيرًا عليهم حتى يتمكنوا من التفرغ للمذاكرة قبل امتحانات النصف فصلي (الميد ترم) للفصل الدراسي الثاني، وذلك في الحرم الجامعي بكليات جامعة الأزهر فرع مدينة نصر، إضافة إلى1000 وجبة أخرى يستفيد منها طلاب كليات جامعة الأزهر بالدراسة، تيسيرًا عليهم من الانتقال إلى مقر جامعة الأزهر بمدينة نصر، وكل ذلك بتمويل كامل من الأزهر الشريف ومؤسساته وهيئاته المعنية.
رعاية الإمام الأكبر
البعض توقف بكثير من الإعجاب على ذلك الحضور اليومي لكبار قادة وعلماء الأزهر الشريف ومتابعة فضيلة الإمام لذلك … كيف ولما كان كل هذا؟!
إن حرص قيادات الأزهر الشريف وفضيلة وكيل الأزهر بهذا الشكل المكثف تأكيد على اهتمام فضيلة الإمام الأكبر بالأمر وحرص قيادات المشيخة على تنفيذ ذلك بشكل يليق بمصر الأزهر وحرصا على أن يجري تطوير الأمر وإشعار الوافدين بأنهم بين اهلهم.
ولذلك حرص قيادات الأزهر يوميا على حضور فاعليات الإفطار والإشراف على تجهيزها، وكذا المشاركة في جميع الفاعليات التي ينظمها الجامع الأزهر طوال الشهر الفضيل.
إلى جانب حفل الإفطار اليومي الذي اعتدنا عليه أن يقام في السنوات الماضية في الاحتفال بيوم ذكرى تأسيسي الجامع الأزهر … وجدنا احتفالات على مستوى الجمهورية وفي المحافظات .. وبحضور شعبي ما الدلالة والرؤية؟
ويحتفل الجامع الأزهر كل عام بالذكرى السنوية لتأسيس الجامع الأزهر؛ حيث أقام الجامع الأزهر يوم 7رمضان احتفالا بمرور 1083 عام على تأسيس الجامع الأزهر، وذلك بحضور وكيل وقيادات الأزهر الشريف، ونظرا لأهمية هذا الحدث، تم تنظيم هذه الاحتفالية بفروع الرواق الأزهري والمناطق الأزهرية بجميع محافظات الجمهورية، كما ينظم الجامع الأزهر 6 احتفالات سنوية بمناسبات دينية ووطنية مختلفة.
وكل هذا يصل للجوانب المتعددة التي يهتم بها الازهر فهو حصن الأمان للمجتمع، وإن حجم التجاوب الرسمي والجماهيري ليعكس ذلك الحضور الشعبي والرضا المجتمعي بالأزهر الشريف ودوره بالغ الأهمية في تاريخ وحاضر ومستقبل الأمة.
نشاط دعوي مكثف
الشهر الفضيل شهد حضورا جماهيريا لافتا وكبيرا في دروس الظهر والعصر والتراويح وحتى دروس للنساء وفي الأروقة .. فما هي أبرز ملامح ذلك البرنامج وما المختلف فيه هذا العام عن السنوات السابقة؟
مبادرة إفطار الطلاب الوافدين والمصريين والتي تُعد غذاءً جسديا، فإن الغذاء الروحي والعقلي تمثل في الخطة العلمية والدعوية التي تقوم الإدارة العامة بالجامع الأزهر بتنفيذها طوال أيام الشهر الكريم، والتي تتضمن(260 مقرأة للرجال والسيدات بنظامي الحضور المباشر بالجامع الأزهر وعن بعد، أدارها مجموعة من المحفظين المعتمدين لدى الجامع الأزهر والرواق الأزهري والباحثين بالجامع الأزهر، تبدأ من الساعة 10 صباحا وحتى الساعة 3 عصرا، برواية الإمام حفص عن عاصم وبالقراءات الأخرى.
وهدفها التعايش مع القران الكريم وتلاوته تلاوة صحيحة ، بالإضافة إلي التعريف بالقراءات العشر بما يحقق التعريف بها لدى قطاع كبير من عامة الناس الحاضرين بالجامع أو المتابعين لشاشات التلفزيون المصري، او عبر بث وسائل التواصل الاجتماعي لصفحات الأزهر الشريف، بما يكشف عن حرص الازهر للتعريف بالقراءات العشر وكلها وردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتكشف بلاغة وإعجاز القرآن الكريم.
وكذا 26 ملتقى بعد الظهر للرجال “رياض الصائمين” يتم تناول قضايا فقهية، يستضيف خلالها باحثي الجامع الأزهر 26 واعظا بمجمع البحوث الإسلامية، إضافة إلى 26 ملتقى أخر للسيدات والذي يعقد تحت عنوان “رمضانيات نسائية” استضاف 26 واعظة بمجمع البحوث الإسلامية لمناقشة القضايا الفقهية والعقدية التي تشغل بال المرأة المصرية.
وهذا ما يعكس اهتمام الأزهر بالمرأة وقضاياها بما يحقق السعادة الأسرية من خلال الجانب الوقائي والجانب العلاجي، فالوقائي من خلال عرض القضايا التي تؤثر سلبًا علي الاسرة وألية تفاديها، والعلاجي من خلال الوقوف علي الأسباب وتفاديها وألية علاجها بما يضمن الاستقرار الاسري ويعود بالنفع علي المجتمع كله.
كما عقد الجامع الأزهر طوال شهر رمضان 26 ملتقى بعد العصر بعنوان “باب الريان”، يستضيف أساتذة جامعة الأزهر وأعضاء لجنة الفتوى لطرح القضايا الفقهية والرد على أسئلة الجمهور .وهذه رسالة أخري لمعالجة قضايا الشباب الفقهية والاجتماعية والفكرية بما يحصن الشباب ضد الافكار الهدامة ويحقق الاستقرار النفسي والمجتمعي.
بعد هذا النجاح الكبير .. كيف كان الانتقال بالبث التراويح من وسائط التواصل الاجتماعي للتليفزيون المصري .. ومن منكما الذي سعى للآخر .. انت من طلبت أن التليفزيون المصري ؟
إحياءً لصلاة القيام والتهجد بالعشر الأواخر من الشهر الكريم والتي تقام بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث الإسلامية، ونظرا لأنه الحدث الأبرز الذي ينظمه الجامع الأزهر كل عام، اختار الجامع الأزهر نخبة من أندى أصوات القراء على مستوى الجمهورية يؤدون 20 ركعة للقيام يوميا بالقراءات المختلفة، هذا ويحاضر في دروس التراويح أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. وهذه رسالة تعايش روحي مع كتاب الله خلال الصلاة .
وتم نقل جميع هذه الفاعليات بالبث المباشر على وسائل التواصل الاجتماعي بالتعاون مع المركز الإعلامي للأزهر الشريف، كما يقوم التليفزيون والإذاعة المصرية ببث صلاتي العشاء والتراويح.
شهدت السنوات الأخيرة انتشارا مفرحا لأروقة الأزهر الشريف في المحافظات .. فما حجمها وعدد الدارسين فيها حالياً.. وما طموحكم وتصوركم لها مستقبلاً ؟
لقد شهدت الفترة الأخيرة انتشارا ملحوظا لأروقة الأزهِر في جميع محافظات الجمهورية؛ فتنوعت هذه الأروقة بين أروقة مخصصة للقرآن الكريم والتجويد والقراءات للأطفال والكبار، وأروقة العلوم الشرعية والعربية.
فكان لرواق القرآن الكريم للطفل، فلقد وجه فضيلة الإمام الأكبر بفتح 507 فرعا لرواق الطفل بالجامع الأزهر والمحافظات في رمضان الماضي، ونظرا للإقبال المنقطع النظير تم استكمال فتح الفروع الجديدة بمعظم قرى ومراكز الجمهورية ليبلغ عددها 1045 فرعا لرواق الطفل والكبار للقرآن الكريم والتجويد، يدرس بها 155ألف طالب وطالبة. وبهدف التعايش مع الاطفال منذ نعومة أظفارهم ، وتحصينهم من أي أفكار دخيلة، ووقاية فكرية ورعاية علمية تضمن تخريج أجيال تقدر قيمه ومكانة الوطن الذي تربت فيه من خلال الاحترام الكامل والبر بالوالدين ،وحقوق المجتمع والتمسك بالأخلاق الحميدة ،وتحقيق التنشئة الصحيحة مع كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبالنسبة لرواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر والمحافظات الخارجية، والذي يخدم أكثر من 50000 دارس ويحاضر به أساتذة جامعة الأزهر بمختلف التخصصات؛ فتتم الدراسة فيه بنظام الحضور المباشر ب 18 محافظة، أما نظام التعليم عن بعد فتتم الدراسة فيه بجميع محافظات الجمهورية عن طريق المنصات التعليمية التي أنشأتها الإدارة العامة للجامع الأزهر عبر قنوات التيليجرام والفيسبوك وقناة اليوتيوب للجامع الأزهر، وذلك تخفيفا على الدارسين.
وهدفه تحصين الشباب من فكر المغرضين من ناحية، وأيضًا تعليم الفكر الأزهري الوسطي لكل من لم يحظى بالتعليم بالأزهر، وخصوصًا أن السن مفتوح غير مقيد ، وهذا ما أدى إلي اشتراك كافة طبقات المجتمع في التعليم بالعلوم الشرعية والعربية، لتعليم صحيح الدين من المنبع الأصيل وهو الأزهر الشريف.
كما افتتح الجامع الأزهر هذا العام رواق جديد للخط العربي والزخرفة، يدرس به أكثر من 200 دارسا وذلك بنظام الحضور المباشر، ويقوم بالتدريس فيه نخبة مختارة من أساتذة الخط العربي بأنواعه المختلفة؛ للوقوف علي أهمية الخط العربي ودوره في نقل العلوم والحضارات بكافة أنواعها وأيضًا للوقوف علي جمال الزخرفة العربية بما يؤصل الارتباط بالهوية العربية.
هذا إلى جانب برنامج شرح كتب التراث، والذي يقوم بالتدريس فيه أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ويقومون بشرح 24 كتابا من كتب التراث المعتمدة وأمهات الكتب من الفقه والشريعة والبلاغة ونحوها، بما يحقق الترابط والتكامل بين الأصالة والمعاصرة.
هذا التنوع والثراء الكبير اعتبره البعض إحياء جديد للجامع الأزهر … فماذا حققتكم من آمالكم في ذلك .. وماذا لايزال في جعبتكم أكرمكم الله ؟
الأزهر الشريف أعرق مؤسسة علمية وتعليمية ودينية في العالم وحضوره مؤثر جدا وكما كان الجامع الأزهر الشريف هو المنطلق والأساس فإن ما جرى في عهد فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف من عودة اهتمام بالجامع الأزهر بعد عودته فعليا لإشراف المشيخة الكامل في 2013 لهو تعبير صادق ويقين بأن الجامع الأزهر لازال يمثل روح سماحة الإسلام وإن هذا الحضور الجماهيري الكبير لكل فعالياته لهو انعكاس لمكانته في قلوب كل محبيه من المسلمين والمصريين وغير المصريين، ونعتبر كل ما يبذل من جهد على قوته وعظمة تأثيره لا زال بداية لخير كبير ومواصلة لحمل راية الإسلام والعلم وصحيح الدين يتحملها الأجيال المتعاقبة نهوضا برسالة مصر الأزهر الحاضرة الفتية القوية العامرة بعلمائها ودعاتها وأبنائها ممن يدركون للعلم الديني قيمته ويضعون الأزهر وعلمائه في المكانة التي يستحقها.